أن تنتج هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيلما سينمائيا تستعين فيه بشخصيات اعتبارية ونجوم وأصوات نسائية؛ للأمر بالمعروف وترغيب الشابات والشبان في الفضيلة والحرص على أداء الصلاة في وقتها، هو مما لا شك فيه خطوة رائعة في الاتجاه الصحيح، وتفكير مستنير يتعاطى مع الواقع بامتياز، ويخاطب الشباب بمفردات العصر التي يفهمونها، أتمنى أن تلاقي هذه الخطوة القبول الحسن عند المتلقي، وأن تثمر جهود الهيئة على هذا النحو وتكون فاتحة أعمال دعوية تتعاطى مع واقع المجتمع وفق أدوات العصر باللغة التي يفهمها الجميع، وتردم الهوة بين الجهاز والمجتمع. في محادثة هاتفية بيني وبين الشيخ بندر آل مفرح الناطق الإعلامي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير، والذي تربطني به صداقة قديمة جدا وزمالة دراسة، جاءني صوته بعد غياب يقارب خمسة وعشرين عاما معاتبا الصحافيين لأنهم لا يهتمون بأخبار الهيئة كما يفترض بهم، وأنهم يتصيدون الأخطاء الفردية التي يرتكبها بعض المنتمين للهيئة ويضخمونها في الوقت الذي يهمشون فيه إنجازات الهيئة، مؤكدا أن الهيئة جهاز حكومي والعاملين فيه بشر يصيبون ويخطئون ويحاسبون على أخطائهم، ويؤكد في الوقت نفسه أن لديهم تعليمات صارمة بالقبض على المتعاونين من خارج الجهاز بدون إذن رسمي وتسليمهم للشرطة وتحويلهم لهيئة التحقيق والإدعاء العام للتحقيق معهم وإحالتهم للقضاء لمحاكمتهم، كما أكد لي أن منسوبي الهيئة يتلقون دورات تدريبية في التعامل مع الجمهور والعمل الميداني أكثر مما يتلقاه العاملون في أي جهاز حكومي آخر. تواصل الشيخ بندر معي كصحافي قبل أن أكون صديقه، وكلامه مبهج وجميل وخطوات أخرى على الطريق الصحيح للهيئة، نتمنى أن نلمس نتائجها على أرض الواقع قريبا. يتوهم البعض أن الصحافيين ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن هذا غير صحيح وألمسه من واقع عملي كصحافي، فالهيئة جهاز يؤدي دورا عظيما ولا شك في ترسيخ الفضيلة ومحاربة الرذيلة والظواهر السلبية في المجتمع، وأتمنى أن تتسع صدور العاملين في الهيئة لانتقادات وسائل الإعلام لمن يخطيء من المنتسبين للجهاز، وأن يعوا أن دور السلطة الرابعة ليس القول للمصيب أصبت وحسب، بل أن يقول للمخطئ أخطأت، وهذا بالحرف الواحد «أمر بالمعروف ونهي عن المنكر» يقوم به الصحافيون لمساندة جهاز الهيئة وليس لمناصبته العداء. ومن الخطوات الإيجابية الرائعة التي تصب في مصلحة ترسيخ الفضيلة والدعوة إلى الله بالحسنى وبمفردات العصر، برنامج الواقع «الإمام الشاب» الذي يصور في ماليزيا ويتنافس فيه مجموعة من الشبان المتدينين للفوز بجائزة إمامة مسجد، وليس بجائزة مالية أو نجومية فنية. برنامج «الإمام الشاب» يحاكي برامج الواقع الشبابية مثل «ستار أكاديمي» و «سوبر ستار» وغيرها من برامج تلفزيون الواقع الشبابية، ولكن بأسلوب متدين ودعوي يبث مفاهيمه بطريقة غير مباشرة ويكرسها بأسلوب شيق وماتع وبنفس مفردات العصر التي يفهمها جيل الشباب. هذه الخطوات الجميلة تقرب وجهات النظر بين المختلفين، وتردم الهوة بين رجال الحسبة والدعاة وبين المجتمع، وتخلق لغة مشتركة بين الجميع، خصوصا جيل الشباب الذي هو في أمس الحاجة للاقتراب منه أكثر، وفق الله الجميع.