محمود سلطان - نقلا عن المصريون توفي د. نصر حامد أبو زيد، وقد أفضى إلى ما قدم، وبات اليوم بين يدي ربه سبحانه وتعالى، غير أن أسرته من بعده لم تترك الرأي العام في حاله، بل تعمدت استفزازه، من خلال بيان غريب أصدرته بعد دفنه، ادعت فيه أن ما سمى ب"الفيروس الغامض" الذي أصاب الراحل ومات به، قد أثار "شماتة" أعداء "التفكير العلمي" و"الظلاميين" و ودعاة "الدولة الدينية" .. وما شابه من مفردات باتت أدوات للنصب باسم التنوير والحداثة وبقية سلسلة الحواة من دعاة الابداع. البيان صدر باسم الأسرة، رغم أن التقارير التي غطت جنازته، أجمعت على "الفتور" العائلي لحضور الجنازة.. إذ شارك عدد محدود من أسرته في تشييعه إلى مثواه الأخير، بل كان لافتا غياب الحماس الرسمي في أضفاء أية أهمية على رحيله. في مصر، كان د. أبو زيد، قد توفي "علميا" منذ أزمته التي امتدت ما بين عامي 1993 1995، وبعد خروجه من القاهرة إلى منفاه الاختياري، لم يكن له أية مشاركة في المشهد الثقافي والسياسي المصري، إلا من خلال مقال أسبوعي في صحيفة محدودة الانتشار.. وكأن ثمة اجماع حتى من بين "الشللة" التي هيجت الدنيا ومارست كافة أشكال الترويع والإرهاب ضد معارضيه، أثناء صدامه الاكاديمي داخل الجامعة والشعبي خارجها... كان ثمة اجماع على أن الرجل بات "ورقة محروقة" وانتهت صلاحيته في تفكيك التقاليد المحافظة للمجتمع المصري.. فتآمروا عليه جميعا بل ربما تخلصوا من عبء وجوده بينهم حين قرر الاقامة خارج مصر. أبو زيد انتهى من زمان.. وفشلت عملية اعادة انتاجه مجددا وذلك من خلال ظهوره المفاجئ والصاخب في القاهرة إثر الضجة التي أثارها اليسار المصري، بعد رفض الكويت استقباله لحضور ندوة نظمها التيار العلماني المتطرف في الكويت.. إذ بدت كل عمليات اعادة الانتاج قديمة ومبتذلة ومتخلفة، وغير واعية بما أصاب الوعي الجمعي المصري من تطور ونضج في عصر الانترنت والسموات المفتوحة. بدا الرجل في حينها وبعض مخلفات اليسار "الرابش" وكأنهم جاءوا من عهود العصر الحجري.. يعيشون خارج التاريخ والجغرافيا، معتقدين أن الرأي العام لا يزال "درويشا" يمكن الضحك عليه بكلمتين عن الحداثة والتنوير والدولة المدنية وبقية "عدة" النصب المعروفة. أسرة الراحل اليساري، تعاملت مع الرأي العام ب"بفظاظة" غير مقبولة، وشاءت أن تعيد فرض وصايتها عليه من خلال استخدام لغة مسرفة في استعلائها وعنجيتها والتي تعكس قلوبا مثقلة بالغرور والغطرسة.. وعقولا لا تعرف إلا منطق "الترويع الفكري" لارهاب الخصوم.