مهما اختلف الكبار فإن قاعدة الجلوس معاً على بساط واحد، تأتي كهدف متفق عليه، وقد تحدث التاريخ كيف تم بعد الحرب العالمية الأولى تقسيم إرث الدولة العثمانية، وفي الحرب الثانية قسمت أوروبا بين السوفييت وأوروبا الغربية، وكل متواليات الأحداث يأتي من خلفها صفقات على حساب الآخرين.. في المداورات الساخنة التي انتهت بفرض عقوبات على إيران، نشأ في ظل القضية مباحثات حول تايوان والصواريخ بين أمريكا وروسيا التي تقيمها أمريكا على أراضٍ كانت ضمن الاتحاد السوفييتي، وحتى الصين وأوروبا تقاسموا الغنائم السياسية حتى يتم الاتفاق على مسألة إيران النووية.. اختلفت الأفكار حول الضرر وما يخلفه الإجراء على حكومة طهران وشعبها، وهي آراء بنيت على سوابق جرت مع أكثر من بلد عندما أضرت بالشعوب ولم تكسر ظهر الحكومات، وحتى هذه الدول التي وقعت على القرار لديها اليقين التام بأن شركاءها ومؤسساتها والمتعاملين بالتجارة، هم أول من سيستعملون التعامل من خلال وسطاء، أو مباشرة مع الدولة المقصودة طالما مغريات المكاسب تتفوق على شكلية الخطر، وهذا لا يعني فرضية ألا يكون هناك إضرار على إيران إذا ما نفذت القرارات بشكلها الجدي، ومع ذلك ستستمر في التخصيب وامتلاك السلاح النووي لأنها إرادة يتفق عليها الشعب الإيراني حتى لو عانت هذه الجموع نقص الكثير من الضروريات إذ الأمر يتعلق بكرامة وطنية.. في مثل هذه الأمور يظهر تجار الحروب في كل مكان، وإيران لديها الحافز أن تدفع من موازناتها ضعف ما يدفعه غيرها، وخاصة فيما يتعلق بأمور تسليحها، صحيح أن المنظمات والدول التي تتحالف معها قد لا تجد الدعم المادي والعسكري تبعا لهذه الظروف، لكنه يقوي من هذا التشابك، وحتى في الوضع الداخلي إذا ما وصلت الأمور إلى الانتقال من حالة التقشف إلى الجوع، فإن المفاضلة بين السلاح ولقمة العيش وعلبة الدواء والماء النظيف ستكون لصالح الأخيرة، وإيران ليست المجتمع الذي يفرض التضحيات لأي سبب في وجود قوميات وأقليات وقوى تعارض نهج الدولة والتمييز بين شعوبها، وقد يكون هذا الرأي رهان الدول التي فرضت الحظر، أي أنه بوجود مخاطر ومصاعب بشن أي حرب تؤدي إلى ضرب البنية الأساسية للمفاعلات النووية فإن الشعب نفسه سوف يفرض وجوده على الدولة القائمة بالتغيير أو المجابهة، والرأي الآخر يعتقد أنه في حالة حدوث اضطرابات حادة قد يجد الحرس القومي ضرورة القيام بانقلاب ينهي سطوة الحوزة الدينية لصالح دولة تصالحية، وهي احتمالات لا تخضع لمعايير دقيقة في حالة لم نصل إلى حد تحويل التكهنات إلى وقائع وحقائق، ومع ذلك فالأزمة سوف لا تكون سهلة على طرفي العلاقة، ولكنها تبدو ضرورية للدول التي اتخذت القرار..