د.سليمان بن عبد الله السكران - الاقتصادية السعودية في إعلان لإحدى المنشآت - «مجهولة الهوية» إذ لم يتبيَّن من الإعلان هل هي شركة أم مؤسسة أم ماذا - في إحدى الصحف بتاريخ للأسف لم أحتفظ به غير أن لديّ قصاصة الإعلان يطلب فيه المعلن متقدمين لثلاث وظائف هي مترجم وسكرتير ومحاسب. وكل من هذه الوظائف يشترط المعلن أن يكون المتقدم «غير متزوج». ولعل لديّ عدداً من الوقفات مع هذا الإعلان ومثله من عدة نواح. أولاها: أن في هذا من الناحية القانونية تمييزاً غير نظامي في حقوق التوظيف. وثانيتها: ما درجت عليه الشركات أو المؤسسات في بعض الإعلانات وذلك بإخفاء الأسم أو الجهة، فالأولى أن يذكر لكي يكون المتقدم على بِيَّنة، فلكلٍ رؤية شخصية تختلف عن الآخر ربما في هذه الشركة أو تلك أو حتى طبيعة نشاطها. وثالثتها: أن في بعض الشروط المطلوبة تعسفا لأعمال لا تتطلب التأهيل الأكاديمي العالي كالشهادات الجامعية والخبرة في التخصص نفسه لوظيفة السكرتير مثلاً. خصوصاً أنني لا أعرف من يقدم درجة شهادة جامعية في كل الجامعات السعودية لتخصص السكرتاريا - بل في الإدارة بتفريعاتها المختلفة وليس سكرتاريا. المهم هنا ربما المقصود في الإعلان هو في الإدارة ولكنني أسوقها إلى القارئ من باب التندر على مثل هذه الإعلانات في التعنت أو الصلف في الاشتراطات أو ربما تغييب المعلومة. بالطبع لا أعرف الأسباب الداعية لجملة هذه الاشتراطات ولكن قاسمها المشترك - في تقديري - عدم وجود حسيب على مثل هذه الإعلانات أو غيرها خصوصاً تلك المرتبطة بقضية كالتمييز بناء على الحالة الاجتماعية مثلاً. إن من أهم ما يعاقب عليه القانون في الدول المتقدمة خصوصاً في سوق العمل، هو التمييز بناء على حالة اجتماعية أو جنس أو لون أو حتى إعاقة بدنية أو غير ذلك. بالطبع نظامنا المحتكم إلى شريعة الله يؤكد العدالة والتساوي في الحقوق والواجبات، لكننا للأسف لا نرعوي إلا بروادع ننتظر أن يكون علينا رقيب وحسيب عليها. وفي هذا الإطار وهو إطار المساواة في فرص التوظيف استرعى انتباهي إحصاءات صدرت عن القوى العاملة في الاقتصاد السعودي نفذتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بناء على أسلوب العيّنات الإحصائية وذلك في شهر شعبان 1430ه ، حيث يستشف من قراءة لها التباين فيمن هم في ما يسمى «قوة العمل» بناء على محددات لا حول للفرد فيها ولا قوة كأن يكون ذكراً أو أنثى. وللتمثيل فقط على ذلك يوجد نحو سبعة ملايين ذكر في قوة العمل مقارنة ب (1.2 مليون أنثى) من جملة نحو 8.6 مليون فيمن هم داخل قوة العمل بينما نحو 2.5 مليون ذكر ونحو ستة ملايين أنثى من جملة من هم خارج « قوة العمل». بالطبع أدرك أسباب هذا التباين لكنني أجزم بأن هذه الفروقات الرهيبة وكواحد «وليس الكل» من الأسباب هو متصل بأسباب لها علاقة بوجود المناخ الصحيح المتفق مع إطار قوانين البلد في توظيف المرأة. إلا أنه لعدم رغبة المنشأة ربما في تحمل تكاليف هذه التهيئة فهي تفضل أن تستريح من تلك التكاليف لذلك يسيطر العنصر البشري الذكوري!! وهذا فقط مثال على عديد من المشاهدات في تمييز واضح يتحكم في سوق العمل دون محاسبة. إنني لا أناقش عمل المرأة من عدمه فذاك حديث يطول بحثه لكن تدني مستوى المحاسبة بلا شك هو من خلق ويخلق مثل هذا التباين الكبير بناء على محددات ينتهي تفسيرها بالتمييز الواضح.