الرياض، الدمام، رائد العنزي، نعيم تميم الحكيم المحرِّمون: لا تجوز مضاعفة الغرامة عند التأخر في سدادها لأنها تعدّ من ربا الفضل المبيحون: المضاعفة ليست رباً لأنها عقوبة مالية.. لكنها تحميل للطلاب ما لا يطيقون الطلاب: نضطر للعمل مساءً لتسديد بعض المخالفات.. ولا نستفيد من مكافأتنا الشهرية عمد المعهد العالي للصناعات البلاستيكية في الرياض إلى تطبيق نظام جديد يسمى «الميك أب» يعتمد على تغريم الطلبة المتأخرين عن حضور المحاضرات مع مضاعفة الغرامة في حال عدم سدادها في الوقت المحدد، مما دفع طلاب المعهد لإبداء استياءهم من النظام، واصفينه ب»الربوي» المخالف للشريعة الإسلامية. مؤكدين أن النظام ينص -على حد قولهم- على أنه «عندما يتأخر الطالب عن المحاضرة الواحدة أو يتغيب عنها يطبق عليه المعهد غرامة مالية قدرها عشرون ريالاً وتخصم من مكافأته الشهرية أيضاً عشرون ريالاً، وإذا لم يدفع الطالب غرامة العشرين ريالاً خلال أسبوع سوف تتضاعف في الأسبوع الثاني إلى أربعين ريالاً، وإذا لم يدفعها في الأسبوع الثاني فتتضاعف عليه في الأسبوع الثالث إلى ستين ريالاً، وإذا لم يدفعها في الأسبوع الثالث تتضاعف في الأسبوع الرابع إلى ثمانين ريالاً، وإذا لم يسددها يفصل من المعهد ولا يتسلم وثيقته إذا كان متخرجاً إلا بعد تسديد الغرامات المتراكمة عليه. وأشاروا إلى أن النظام لا يقف عند فرض الغرامة والمضاعفة، بل يصل لحسم درجة عن كل تأخر أو غياب عن أي محاضرة، إضافة إلى إجبار الطالب بدراستها عصراً. وكذلك يطبق عليه حرمان المادة إذا غاب عنها بنسبة 20%. في حين اختلف الفقهاء حول مدى شرعية هذا النظام، ففريق يرى حرمته كون مضاعفة الغرامة تدخل في دائرة الربا، أما القسم الثاني فيرونه مباحاً ولا شيء فيه، لكن جميع الفقهاء اتفقوا على أن تطبيق هذا النظام يعدّ جوراً بحق الطلاب وظلماً لهم وإثقالاً على كاهلهم. «الشرق» فتحت ملف القضية من وجهة نظر الفقهاء واستطلعت آراء الطلاب وواجهت المشرفين بالمعهد في سياق التحقيق التالي: استياء الطلاب أبدى بعض الطلاب تحفظهم على النظام، مشيرين إلى أنهم يعملون مساءً لتسديد بعض المخالفات الموجودة عليهم ولا يستفيدون من مكافأتهم الشهرية التي تقدر ب(1300) ريال لأنها تخصم منهم في حال تأخرهم عن المحاضرة أو تغيبهم عنها، إضافة إلى دفعها من حسابهم الخاص، هذا غير خصم المعهد من مكافأتهم، وإذا لم يسددوها خلال أسبوع فسوف تتضاعف وهكذا. كما عبروا عن استيائهم من صعوبة الوصول إلى الإدارة لسماع شكاواهم ومعاناتهم، إضافة إلى استيائهم من مدرب غير سعودي، «الشرق» تحتفظ باسمه، وذلك بالتلفظ عليهم بعبارات مسيئة، وطالب مجموعة من الطلاب المسؤولين بتشكيل لجنة من خارج المعهد للتحقق من صحة ذلك، مطالبين بإلغاء نظام «الميك أب» واكتفائهم بتطبيق نظام وزارة التعليم العالي بحرمان الطالب من المادة عندما يتجاوز الغياب نسبة 20%. المضاعفة ربا عبدالرحمن الأطرم واتفق عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للتمويل، الفقيه الدكتور عبدالرحمن الأطرم، مع الرأي القائل بربوية مضاعفة الغرامة. وفصل الأطرم رؤيته من الجانب الفقهي بقوله «لقد ثبت شرعاً أنَّ المخالفة تعدّ ديناً في الذمة، ومن ثم تكون المضاعفة بمرور الزمن زيادة على الدين من أجل مرور الزمن، وهو المبنى الفقهي بالقول إنها ربا، والله أعلم». مطالباً بالكف عن إعطاء الرأي في هذه المسائل بشكل فردي، مشيراً إلى ضرورة إعادة هذه المسالة إلى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث المنبثقة من هيئة كبار العلماء؛ لأنها هي الجهة الوحيدة التي تتولى الإفتاء رسمياً في المملكة، ومشدداً على أنَّ وسائل الإعلام يجب ألا تعتمد على رأي فقهي في هذه المسألة وتركها للاجتهاد الجماعي. حرام شرعياً د.صالح اللحيدان وأكد المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح بن سعد اللحيدان، حرمة نظام (الميك أب) شرعياً. وقال «إذا كان المتدرب موظفاً ويحسم من راتبه فهذا لا شيء فيه، ولكن لا تجوز مضاعفة الغرامة إذا تأخر في سدادها، سواء أكان موظفاً أم غير موظف، لأنها تعدّ من ربا الفضل، وهذا لا يجوز». عقوبة تعزيرية عبدالله المطلق واختلف عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي عضو اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث الدكتور عبدالله المطلق، حول حكم مضاعفة الغرامة، كونها تدخل في دائرة العقوبات التعزيرية، وبالتالي لا تدخل في دائرة الربا. وعلل المطلق رأيه قائلاً «مضاعفة الغرامات تدخل في دائرة العقوبات التعزيرية، فيجوز للقاضي حينها من سلطته تقدير العقوبة، وذلك بوضع حد أعلى في حال عدم سدادها في الوقت المتاح، وذلك لا يكون رباً»، مطالباً بعدم تحميل الطلاب ما لا يطيقون. ظلم الطلاب وعدّ أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الفقيه الدكتور صالح بن غانم السدلان، مضاعفة الغرامات على الطلاب ظلماً، مؤكداً على عدم تحميل الطلاب هذه الأمور. وأشار السدلان إلى أن المضاعفة مباحة شرعاً ولا تدخل في الربا، لأنها عقوبة وليست ديناً، لكنه مع عدم تطبيقها على الطلاب. فتوى المجمع حسين حسان وأبان عضو المجامع الفقهية الدكتور حسين حامد حسان أن كل ما يفرضه ولي الأمر من مخالفة وتذهب للخزينة فلا صلة له بالربا ولو تضاعفت. مشيراً إلى أن قرار المجمع الفقهي أكد على ذلك، وهو أن أي مضاعفة لغرامة لا تعدّ رباً لأنها ليست ديناً في الذمة وإنما عقوبة مالية، وقد أجازها العلماء ومنهم ابن القيم وابن تيمية. واستدل حسان بحادثة شهيرة لسيدنا عمر بن الخطاب عندما سرق غلمان حاطب بن أبي بلتعة ناقة المزني وذبحوها وأكلوها، فلما جاء الفاروق عمر بالغلمان وسألهم عن سبب السرقة أجابوا بأنه كان يجوعهم، فقضى سيدنا عمر بمائتي درهم تعويضاً للمزني مائة قيمة الناقة والمائة الأخرى غرامة أخرى، وقال «مائة قيمة الناقة ومائة توجعك». الغفيلي: “الميك أب” نظام ياباني أسهم في رفع انضباط الطلاب بنسبة 92 % قال المدير التنفيذي للمعهد العالي للصناعات البلاستيكية، الدكتور خالد الغفيلي، رداً على اتهامات الطلاب «إن نظام المحاضرات والورش التعويضية المسمى (الميك أب) هو نظام يعالج موضوع الانضباط لدى المتدربين، قدّمه فريق الخبراء اليابانيون المشرفون على التدريب بالمعهد من واقع خبرتهم في شركة متسوبيشي العالمية لتعزيز قيم العمل التي يتطلبها السوق في الخريج، إذ إن الوظيفة التي يعدّ لها الخريج مشغل آلات إنتاج والتأخير في الحضور يعني خسائر بالملايين في نهاية العام. وأبان الغفيلي أن المتدرب يعدّ موظفاً منذ قبوله في المعهد لتوقيعه عقد توظيف، فعند غياب المتدرب -بعذر أو بدون عذر- عن أي محاضرة أو ورشة فإن المعهد يقوم بتأمين ساعة تعويضية خارج الدوام الرسمي يلتزم بحضورها المتدرب. وأضاف «إذا كان غياب المتدرب بعذر فإنه لا يدفع تكلفة الساعة التعويضية. أما إذا كان الغياب من دون عذر فإنه يتحمل تكلفة الساعة البالغة عشرين ريالاً»، مبيناً أن من يتخلف عن الساعة التعويضية الأولى يقدم في المعهد ساعة بديلة تحفيزية بنفس التكلفة، مشيراً إلى أن من يتخلف عن الساعة التعويضية الثانية فإن المعهد يتكفل بتأمين ساعة تعويضية ثالثة لكن التكلفة تصبح أربعين ريالاً لتأمين المعهد مدرباً للمرة الثالثة لتقديم المحاضرة أو عدة مدربين في حال الورش. ولفت الغفيلي إلى أنه في حال تخلف المتدرب فإن التكلفة تكون أكبر لتصل إلى ستين ريالاً، وفي العادة فإن المتدرب الذي يصل إلى هذا الحد قد قرر الانسحاب من المعهد، موضحاً أن التكلفة المتحصلة من النظام يعاد صرفها للمتميزين في الحضور شهرياً من خلال صندوق المتدرب. وأفاد الغفيلي أن المتدرب يوقّع على رضاه على النظام عند تقدمه للمعهد، مشيراً إلى أن تطبيقه أدّى إلى تحسن منقطع النظير في موضوع الانضباط، مما أدّى إلى تميز لدى المتدربين في هذا الجانب، إذ بلغت نسبة الانضباط للعام 2011م 92% للحضور الفعلي أي بدون حساب الحضور في الحصص التعويضية، مشدداً على أنها نسبة تدعو للفخر بمستوى الانضباط لدى الشاب السعودي على خلاف ما يُشاع في سوق العمل، مما يؤكد على ضرورة البحث عن الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى ضعف الانضباط مثل تدني المرتب أو بيئة العمل. وحول ما ذكره الطلاب الذين قالوا إنهم أرسلوا عدة خطابات للإدارة بشأن إيصال معاناتهم، قال الغفيلي «لدينا في المعهد مجلس للمتدربين يُعقد كل أسبوعين برئاسة المدير التنفيذي وبعضوية نائب مدير المعهد ورئيس الخبراء اليابانيين ومدير شؤون المتدربين، حيث يعدّ الاجتماع القناة الرسمية لإيصال الصوت الكلي للمتدربين في سياسات المعهد، بل وحتى تقييم العملية التعليمية وبصفة أخص أداء منسوبي المعهد، مبيناً أن لكل اجتماع محضراً وفي الاجتماع الذي يليه يتم استعراض ما تم بشأن المحضر السابق الذي يُعمّم على الجميع. وأشار الغفيلي إلى أنه يتشرف بلقاء المتدربين يومياً عند الساعة الثالثة مساءً، وهو الوقت المخصص لهم، بينما يستقبل الزملاء الإداريون المتدربين في أوقات الفسح الثلاثة خلال اليوم، مؤكداً استعداده للذهاب لمن رفعوا الشكوى ويخجلون من مقابلة مسؤولي المعهد للقائهم في مقاعدهم.