رغم أن الجدل لم يهدأ منذ أن اندلعت شرارته قبل أربعة أعوام، إلا أنه الآن بدا أكثر سخونة بعد أن باشرت إدارات المرور في تطبيق نظام ساهر على الإشارات الضوئية. المشهد الذي يتكرر في محيطها أشبه ما يكون بالبرق فتحول الهاجس إلى التقاطعات بعد أن بدأ التطبيق دون أن يصاحبه توعية. وأوضح عدد ممن التقتهم «عكاظ» أن تطبيق ساهر في محيط تقاطعات الإشارات الضوئية جاء فجأة دون أن تكلف إدارة المرور نفسها التعريف بالنظام قبل تطبيقه ليتحول من توعية إلى مصيدة للربح المادي، فيما طالب مواطنون بتغيير أنظمة السرعة والقوانين التي وضعت قبل أكثر من 25 عاماً عندما كانت مساحة الطرقات السريعة في المملكة محدودة وقليلة جداً مقارنة بالوقت الراهن والتي أصبحت فيها أغلب الشوارع كبيرة وسريعة ناهيك عن كثرة كاميرات ساهر الكثيرة والموضوعة في شارع واحد وكأن لسان حال المرور يقول نحن لكم بالمرصاد. يقول محمد الشهري «قبل دقائق معدودة قمت بتسديد مبلغ 14 ألف ريال جميعها مخالفات لساهر وتم ذلك بشكل إجباري ورغما عني وذلك بسبب نقل لكفالة زوجتي على كفالتي ولا أعلم لماذا المرور ترتبط مخالفاته بمسائلنا الإنسانية والعائلية فمن وجهة نظري أرى أن مخالفة المرور لا بد أن تكون محصورة بكل ما يخص ملكية السيارة من رخصة واستمارة وقطع إشارة وبمعنى أدق كل ما يتعلق بسيارتي الشخصية، إذا لماذا يربط المرور مخالفاته بأمورنا الشخصية وحياتنا العائلية وغيرها من الأمور البعيدة كل البعد عن المرور». وأضاف أنه يستغرب تطبيق النظام في محيط الإشارات المرورية دون أن يحدد الأطر والمحاذير فتحول النظام على حد تعبيره إلى مصيدة لجني المال وليس سواه. الساعات الإلكترونية عبدالعزيز القثمي تحدث قائلا «أصبحنا نعاني كثيراً من الزحام والذي زاد الطين بلة عدم جدوى وضع الإشارات الالكترونية أو العدادات التي توضع على الإشارة المرورية فهناك خلل واضح فكثير منها تأخذ وقتاً طويلا وهي مضاءة باللون الأحمر في المقابل عندما تضيء للون الأخضر لا تأخذ بضعة ثوان قليلة جداً وخاصة في الشوارع المكتظة بالسيارات، مثل إشارة تقاطع غرناطة مع المكرونة فهناك إشارة تضيء باللون الأحمر مدة 120 ثانية وعندما تضيء باللون الأخضر لا تتجاوز ال30 ثانية رغم أن الشارع يعتبر حيويا وهو بديل لشارع التحلية الذي أنهكه مشروع الجسر الذي للآن لم ينته، لذلك أطالب إدارة المرور في إعادة النظر في كثير من إشارات المرور وخاصة الإلكترونية منها. مضطر للسفر وليد الزهراني أكد أن حاجته للسفر أجبرته على تسديد مخالفات ساهر «لا أعلم لماذا يربطون تسديد مخالفات المرور بأمورنا وحياتنا الشخصية ناهيك عن موضوع مضاعفة المخالفات والتي لا أرى لها أي مبرر واضح وصريح ولا أعلم أيضاً من ذا الذي يضع تلك الأوامر والقوانين المرورية». ويشير وليد إلى أن مخالفاته المرورية بلغت قبل أكثر من خمسة أعوام قرابة 3 آلاف ريال ليفاجأ وقد تجاوزت ال14 ألف ريال تحت مظلة المضاعفة وقال الزهراني لولا أنني مضطر للسفر لما قمت بتسديدها. مفتي المملكة في تصريح سابق للمفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ فيما يخص مضاعفة المخالفات المرورية وعلى رأسها نظام ساهر، على أن مضاعفة المخالفات المرورية (كما يجري الآن في نظام ساهر) ربا، مطالباً الإدارة العامة للمرور بالبحث عن طريقة أخرى غير مضاعفة القيمة الأصلية للمخالفة. وقال عن حكم مضاعفة المخالفات المرورية بعد مرور شهر على ارتكابها، خلال محاضرة بعنوان: «خطر أكل أموال الناس بالباطل وأثره في الفرد والجماعة» في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض «مضاعفة المخالفات المرورية لا يصح، وما يقومون به من عمل مثل مضاعفة المخالفات المرورية هو ربا منهي عنه»، مضيفا أن «حق المرور يثبت في المخالفة المعروفة فقط، وإذا تأخر المخالف عن الدفع لظروف ما وأضيفت عليه بعد شهر مثلها فهذا لا يجوز». لافتاً إلى أن على المرور اتخاذ أي طريقة أخرى غير مضاعفة القيمة الأصلية للمخالفة. رأي المرور المتحدث الإعلامي لمرور جدة المقدم زيد الحمزي قال: «أنا لست مخولا بالتصريح عن عدد كاميرات ساهر في جدة ولا أعلم عن عددها وأما فيما يخص مخالفات ساهر فهو نظام مطبق دولياً وغراماته واضحة وصريحة وفي الجانب الآخر هناك آلية جديدة سوف تطبق وهي وضع كاميرات لقاطعي الإشارات وسوف نقوم بحملة توعوية مسبقة للتعريف بالنظام الجديد ويعتبر هو المرحلة الثانية بعد مرحلة ساهر والتي أثبتت فعاليتها وجدارتها رغم المصاعب التي واجهتنا في البداية ومع ذلك قلت نسبة الحوادث بشكل كبير تجاوز ال50% وبذلك نكون حققنا نجاحا كبيرا». وأضاف الحمزي أما فيما يخص عدادات الإشارات الالكترونية الموضوعة على كثير من طرقات جدة فهي مبرمجة آليا وتتمتع بنظام محدد وفعال بحيث تراعي أوقات الزحام ففي ساعات الذروة لها نظام، وفي غير وقت الذروة لها نظام آخر مراعية بذلك عنصر الزحام في بعض الطرقات. وخلص الحمزي إلى القول «تعتبر مشكلة قصور الوعي المروري لدى بعض الشباب من المشاكل التي تتسبب في كثير من المخالفات ومنها إخفاء او طمس معالم اللوحات او فكها حيث يغيب عن السائقين استشعار مسؤولية الالتزام بالأنظمة المرورية مما يتسببون في الكثير من الحوادث المؤلمة، ودوريات مرور محافظة جدة سواءً السرية أو الرسمية تتابع وبشكل دوري مثل هذه التجاوزات وقد تم ضبط خلال العام الماضي 1433ه (5313) مركبة مخالفة وبموجب المادة الثامنة والستين من نظام المرور يتم حجز المركبات المخالفة لمدة خمسة أيام في حالة طمس أو فك إحدى اللوحات وغرامة مالية مقدارها (500ريال) كحد أدنى». مجلس الشورى وفي تصريح سابق ل «عكاظ» أفصح عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن العناد بأن طلب تعديل المادة 73 من نظام المرور والذي تقدم به كمقترح بموجب المادة 23 من نظام عمل المجلس، يتضمن تعديل تلك المادة (73) والتي تنص على «تحرير مخالفات السير بموجب نموذج ضبط موحد ومعتمد يحدد المخالفة، المدة المقررة لدفع الغرامة، وللمخالف دفع الحد الأدنى للغرامة لأقرب إدارة مختصة في مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ تحرير المخالفة بموجب إيصال رسمي، وعلى الإدارة المختصة في حالة عدم التسديد في المدة المقررة إلزام المخالف بدفع الحد الأعلى للغرامة، وتحدد اللائحة إجراءات ضبط المخالفات والمدد المقررة لدفع قيمتها». ودعا العناد إلى إلغاء الفقرة التي فحواها «وعلى الإدارة المختصة في حالة عدم التسديد في المدة المقررة إلزام المخالف بدفع الحد الأعلى للغرامة». وبين عضو مجلس الشورى أن مبررات التعديل تنطلق من مبررين الأول ما أوضحه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن مضاعفة المخالفات المرورية «ربا» ولا يجوز العمل به مطلقا حتى لو القصد من ذلك حمل الناس على عدم ارتكاب المخالفات المرورية. والمبرر الثاني هو الرفق والرحمة بالناس وتخفيفا عليهم، فكثير ممن يرتكبون المخالفات المرورية يعانون من ديون وفقر. وأضاف العناد أنه يتضح بأن تأخر السداد من قبل المخالفين يأتي نتيجة لتأخر المرور نفسه في إدخال المخالفة في الحاسب الآلي، إذ يرفع المرور الغرامة للحد الأعلى بعد مرور شهر من تاريخ تحريرها، حتى إن لم يتم إدخالها الحاسب الآلي إلا قبل يوم أو يومين من انتهاء الشهر، وربما بعد انتهاء الشهر، وقد يكون من المقبول أن تحتسب مدة السداد من تاريخ إدخال المخالفة للحاسب الآلي وبعد إبلاغ المخالف برسالة جوال عن تاريخ الاستحقاق، إلا أنه من غير المقبول وغير المنطقي تطبيق الحد الأعلى للغرامة المالية عندما يكون المرور نفسه هو السبب في تأخر تسجيلها في الحاسب الآلي. دخل المخالفات السنوي 5 مليارات عكاظ (جدة) كشفت تقارير أن قيمة المخالفات المرورية الصادرة العام الماضي بلغت 5 مليارات ريال، وهذا الرقم يأتي في كونه إجمالي قيمة المخالفات المرورية بالحد الأدنى، أي أن هذا الرقم قد يتضاعف في حال تأخر المخالفون عن السداد، وبما أن التقرير يشير إلى أن 36 % من المخالفين دائمو التأخر في السداد لمضاعفتهم دخل البرنامج، فإن قيمة هذه المخالفات المتوقع تضاعفها 1,8 مليار ريال لتكون هذه القيمة عند بلوغها الحد الأعلى عند 3,6 مليار ريال وبإضافة المبالغ المتبقية للمنتظمين في السداد الأقل تحقيقا للأرباح لمشغلي «ساهر» والبالغة 3,2 مليار ريال يكون صافي الدخل لساهر. يذكر أن لجنة الشؤون الأمنية في مجلس الشورى طرحت على مدير عام المرور اللواء عبدالرحمن المقبل والعميد عبدالعزيز أبو حيمد مدير إدارة مرور الرياض تساؤلات واستيضاحات في ما يتعلق بمقترح تعديل المادتين 75 و 76 من مواد نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 85 وتاريخ 26/10/1426ه وفقا للمادة 23 من نظام مجلس الشورى. واستمعت اللجنة إلى أهم المبررات القانونية والنظامية في الموافقة من عدمها على تعديل المادتين، كما جاءت في المقترح المقدم من المجلس، ومدى معالجة النظام لهاتين المادتين من خلال آلية ساهر، واستوضحت اللجنة عن الأصل في وضع مخالفة السرعة في كونها على أساس الزجر والردع أو على أساس الجباية كما يقول البعض، ومدى تطبيق المادة 75 على أرض الواقع في نظام ساهر، وأبرز الإحصائيات المتعلقة بمدى فعالية النظام في الحد من الحوادث. وناقشت اللجنة مسؤولي المرور عن كيفية تطبيق عقوبة نظام النقاط ومدى إمكانية تطبيقه ليكون بديلا لآلية ساهر، ومدى فعاليته والمفاضلة بين نظام النقاط ونظام ساهر، كما طرحت اللجنة تساؤلاتها في ما يتعلق بمقترح تعديل المادة 75 ليصبح نصها كالآتي : للمخالف حق الاعتراض على نموذج الضبط أمام المحكمة المختصة وذلك خلال 30 يوما من تاريخ إبلاغه عن طريق وسيلة التواصل التي تم اختيارها ويكون ملزما بتحديث بياناته في حال تغيرها بالمخالفة المنسوبة إليه سواء كان ذلك تحريرا أو تصويرا بواسطة الكاميرا أو أي وسيلة أخرى ما لم يكن للمخالف عذر تقتنع به المحكمة يمنعه من تقديم الاعتراض. وكذلك تعديل المادة 76 ليصبح نصها: يحدد لكل مخالفة منصوص عليها في هذا النظام عدد معين من النقاط بحسب خطورة المخالفة على السلامة العامة وتسجل هذه النقاط في سجل المخالف مرتكب المخالفة الفعلي الذي تم رصد المخالفة عليه تحريرا أو تصويرا بواسطة الكاميرا المخصصة لذلك أو أي وسيلة أخرى وتسحب رخصة القيادة عند تجاوز الحد الأعلى المسموح به من النقاط وتحدد اللائحة القواعد اللازمة لذلك ومدد سحب الرخصة.