سماء غائمة جزئيا يتخللها سحب ممطرة في 4 مناطق وضباب بالشرقية    وفاة 66 على الأقل جراء فيضانات وانهيارات أرضية في نيبال    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فنزويلا    بايدن يدعو إلى "وقف لإطلاق النار" في لبنان    «أخمرين» تطلب رصف وإنارة الطريق    بيشة: رئة «نمران» بلا أوكسجين !    أوروبا تصوّت على قرار جمارك سيارات الصين الكهربائية    سمو ولي العهد يُعلن إطلاق «مؤسسة الرياض غير الربحية» وتشكيل مجلس إدارتها    656 % نمو أعداد السياح الوافدين لأغراض الترفيه بالمملكة    وزير الخارجية يعلن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    تقدير أممي لجهود مركز الملك سلمان الإنسانية والإغاثية في العالم    البرلمان العربي يدين الموقف الدولي المتخاذل.. مطالبة بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة    وزير الخارجية: السعودية تتمسّك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    ميزة جديدة.. «واتساب» يحجب رسائل المجهولين !    وكيل محافظة تعز ل«عكاظ»: مشاريعنا الإستراتيجية والحيوية بدعم كامل من السعودية    الليلة السعودية تستعرض الفرص التعدينية    في ختام الجولة الخامسة من دوري روشن.. التعاون يستقبل الاتفاق.. والشباب يواجه الرائد    الجهني يغيب عن «كلاسيكو الجوهرة»    رونالدو يقود النصر أمام الريان    "قضايا معاصرة" يناقش تحديات التنمية المستدامة    ضبط 15324 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    18 أكتوبر.. انتهاء مهلة تخفيض سداد المخالفات المرورية    اختبارات منتصف الفصل الأول للتعليم العام.. اليوم    في خمس مناطق للقراءة والتأمل.. «الرياض تقرأ».. رحلة بين السطور    رحلة إثرائية    التفكير النقدي    500 عمل فني تزيّن بينالي الفنون الإسلامية في جدة    وزير الثقافة للمبتعثين: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة    أحد رفيدة: مطالبات بتكثيف مكافحة الحشرات    طريقة عمل البسبوسة الناعمة    5 أسباب للكوابيس والقلق أثناء النوم    5 نصائح.. تسرِّع التعافي بعد جرعات العلاج الكيميائي    دور أمانات المناطق في تحسين تجربة المواطن والمقيم    د.الشمسان: ثلاثة محاور رئيسية لتعزيز كفاءة القطاع الصحي    قبضة الخليج تلاقي ماغديبورغ الألماني    سيدات الطائرة يدشّنّ منافسات دورة الألعاب السعودية    مفكران عراقيان: معرض الرياض الدولي للكتاب من أهم نوافذ الثقافة العربية    وزير التعليم: مبادرة البرامج الجامعية القصيرة (MicroX) يأتي ستنمي قدرات الطلبة في مهارات سوق العمل    الزواج التقليدي أو عن حب.. أيهما يدوم ؟    بغلف وباربيع يحتفلان بعقد قران أصيل    من دمَّر الأهلي ؟    رقم قياسي للهلال بعد الفوز على الخلود    يوم مجيد توحدت فيه القلوب    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل السفارة الصينية    الرّفق أرفع أخلاق نبينا الأمين    ضبط مواطن في عسير لترويجه (9) كجم "حشيش"    جمعية إجلال لكبار السن بمركز الحكامية تحتفل باليوم الوطني السعودي ال٩٤ بالراشد مول بجازان    تكريم الكاتبة السعودية أبرار آل عثمان في القاهرة    الزهد هو المجد في الدنيا والمجد في الآخرة    ايجابيات اليوم الوطني    وطني.. مجد ونماء    مروّجو الأوهام عبر منصات التواصل الاجتماعي    جونسون يعترف: خططت لغزو هولندا لانتزاع لقاح كورونا    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد في الريث تشارك ضمن فعاليات اليوم الوطني السعودي ال94    "الغذاء والدواء" تحذر من شراء مستحضرات التجميل من المواقع غير الموثوقة    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    بحضور 3000 شخص.. أحد رفيدة تحتفل باليوم الوطني    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة النفاق الاجتماعي
نشر في أنباؤكم يوم 11 - 03 - 2010


قراءة في بعض أبعادها وآثارها على مشروعنا التنموي
صناعة النفاق الاجتماعي!
انباؤكم - عبدالله البريدي
(1)
تعج مجتمعاتنا العربية بكثير من ظواهر التخلف التي لم تنل منا عناية بحثية معمقة، بل لم تحظ بمعالجة فكرية جسورة تجعل
من المصالح الوطنية العليا فوق كل اعتبار ... ولعل من أبرز تلك الظواهر (المغيّبة) ظاهرة أو مرض (النفاق الاجتماعي)، ويمكن النظر إلى ذلك اللون من النفاق على أنه مرض اجتماعي يفتك بالمنظومة القيمية، ويوهن إنتاجية المجتمع، ويربك معايير الكفاءة، ويغتال موضوعية الاستقطاب والاختيار...
في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها في عالمنا العربي على صعد متعددة أقول صادقاً:
لم نعد نمتلك أوقاتاً كي نتورط في مزيد من الكذب أو السطحية... فالأمراض التي تفتك بنا، أو تحد من قدراتنا على وضع مجتمعاتنا في مسارب النهضة تحتاج إلى أمرين أساسيين: مصداقية وعمق!
والآن أعود إلى موضوعنا الأساسي في هذا المقال... (النفاق الاجتماعي)، محاولاً استكشاف بعض أبعاده وآثاره على المجتمعات التي (تتسامح) معه بأكثر مما ينبغي!، مع التركيز على بعض الفضاءات التنموية.
(2)
النفاق الاجتماعي هو بيع ما لا نملكه من المشاعر...... هو ضرب من التدليس وإنفاق السلع الرديئة بالولاء الكاذب والتهنئة المزيفة والقبح المزيّن... هو كفر بالجوهر وإيمان بالمظهر... هو انفكاك من التكلفة المرتفعة للصدق وارتباط بالمكاسب المنخفضة للكذب ...
حين نتأمل مثل تلك الظواهر في مجتمعاتنا العربية ندرك أن قدرتنا على (التشخيص الثقافي) متهالكة؛ فضلاً عن ضعفنا في تصنيع وصفة العلاج أو نصل الوقاية... هالني الأمر حين فكرت (كمياً) في تلك الظاهرة في المجتمع السعودي تحديداً، فقد وصلت إلى حقيقة أنها صناعة متكاملة ، بمعناها الاقتصادي ودلالاتها المهنية ومؤشراتها الثقافية... بل إنها صناعة متنامية أيضاً... أتدرون بكم تقدر تلك الصناعة؟
لكي نكون قادرين على تحديد التكلفة التقديرية لصناعة النفاق الاجتماعي فإنه يلزمنا أن نحدد أهم البنود الخاصة بالنفاق الاجتماعي، فمن أهمها:
النفاق الاجتماعي المتسربل بالدعايات الضخمة التي تنشر في الصحف والمجلات للتهنئة أو الترحيب أو الشكر في صفحة كاملة أو نصف صفحة أو ربع صفحة ....
النفاق الاجتماعي الذي يطل برأسه من بوابة البذخ (غير الرشيد) في الحفلات للمناسبات المختلفة التي تشتمل على تكلفة بنود كثيرة تتمثل في الأكل والمطبوعات والخدمات اللوجستية المصاحبة... هب أننا قلنا: إن لدينا 1000 مناسبة في السنة، بكم تقدرون تكلفة الاحتفالات المصاحبة لتلك المناسبات؟
(3)
المشروع الذي يطرحه عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - يقوم في بعض أجزائه على تهيئة الثقافة والبيئة للمجتمع المعرفي، ومن ثم التحول بنسب معقولة إلى الاقتصاد المعرفي، وذلك بشكل تدريجي بدلاً من الاعتماد المكثف (الخطر) على الاقتصاد الريعي المتمثل في النفط، ولو قارنا أنفسنا بمجتمع متقدم يقوم على تبني ذات الفكرة - المجتمع المعرفي - هل سنجد إعلانات ضخمة في الصحف لكل حدث ومناسبة؟ وهل سنجد بذخاً في الاحتفالات المصاحبة لتلك الأحداث والمناسبات؟ وهل...؟ وهل ....؟
لقد حضرت العديد من المناسبات الهامة في بعض الدول، ووجدت أنها في غاية البساطة في جوانبها الإعلامية، كما أنها تخلو من البذخ في الجوانب اللوجستية غير الهامة كوجبات الطعام ونحو ذلك، في حين أنني وقفت على أمر خطير لوسائل إعلامهم، حيث تجهد وسائل الإعلام لديهم إلى تغطية (جوهر) الحدث وليس (شكله)، وبشكل احترافي في كثير من الأحيان، ما يساعد الحكومة على تعبئة حقيقية للمجتمع ودفع له لتبني منظومة الأفكار والقيم والمهارات التي يحرص هذا الحدث أو ذاك على ترسيخها... الأمر الذي يجعلهم ينجحون بدرجة كبيرة في جهودهم التعبوية وفعالياتهم العلمية والبحثية والفكرية، ومن ثم توفير مقومات حقيقية للنجاح والريادة في مجال المجتمع المعرفي الذي طرحناه كمثال لا أكثر.
(4)
قد ُيقال: إن منظمات القطاع الخاص لدينا هي التي تقدم الأموال اللازمة لرعاية وتغطية تكاليف مثل تلك الأحداث والمناسبات، وليست من الأموال العامة، فأقول هذا صحيح، وأنا أعرف ذلك تماماً، ولكنني أتساءل:
أليست أموال القطاع الخاص أموالنا أيضاً؟ أليس ثمة جوانب هامة تحتاج إلى أن نصرف مبالغ طائلة عليها خلال عقد أو عقدين؟ خذوا على سبيل المثال قضية السكن ، أليست الصحف السعودية المتخصصة قد أظهرت بكل وضوح نتائج الدراسات والمسوح الميدانية المتعددة التي انتهت إلى أن ما يقارب 67% من السعوديين يسكنون في بيوت مستأجرة. أليست هذه القضية أولى بالصرف من بنود (النفاق الاجتماعي) المصاحبة للكثير من الأحداث والمناسبات؟!
ألا يمكن أن نقوم بفكرة خلاقة تتمثل في تأسيس صندوق خاص بالسكن لجمع الأموال الفائضة من تلك الأحداث والمناسبات، وأنا أجزم بأنها أموال كبيرة، وستكون كافية لتأمين السكن لعدد كبير من الناس... أليس في مثل ذلك المسلك نجاح حكومي مبهر في توجيه الموارد وفق خطط نهضوية شاملة وتعبئة تنموية ذكية... ومجالات الصرف كثيرة ومتنوعة، وقد سقت مسألة السكن كمثال لا أكثر...
(5)
النفاق الاجتماعي هو بيع ما لا نملكه من المشاعر... هو بيع الحقائق بأبخس الأثمان وشراء الأوهام بأبهظها... أفلا نحتفظ بما نملكه من مشاعر الصدق والإخلاص ونوجهه بطرق ذكية لمشروعنا الوطني التنموي، متحملين في ذلك تكاليف البناء والتصحيح في مسيرة لا تتوقف وأنفاس لا تنقطع..
أخيراً لابد من التأكيد على أن النفاق الاجتماعي مرض فتاك، وعلاجه ليس بالأمر الميسور ولكن التنبه لخطورته بداية العلاج... راجياً أن نؤمن بحقيقة أن المجتمعات لا تنهض إلا بصدق وعمق كافيين!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.