في مجتمعنا هناك ظاهرة خفية ولهذا فإنها لم تأخذ نصيبها من الطرح والكتابة والبحث والنقاش الإعلامي بما يوازي حجمها حتى يتم إبرازها على العلن ومن ثم البحث عن حلولها وعلاجها!! هذه المشكلة تتمثل في "البذخ والإسراف" الذي تمارسه فئة كبيرة من النساء في مجتمعنا أثناء المناسبات الاجتماعية المختلفة.. في مقدمة ذلك تأتي مناسبات الزواجات والحفلات النسائية المختلفة التي هي عنوان صارخ لكل أنواع البذخ والإسراف الذي تجاوزت صوره إلى ما لا يصدقه عقل سامع أو عين مشاهد نظرا لما يصرف من أموال طائلة في مثل هذه المناسبات سواء من خلال أثمن الملابس أو اغلى أنواع الأكل او من خلال استقدام المطربين والمطربات خاصة من خارج المملكة بمبالغ باهظة جدا!! وغير ذلك من التجهيزات المصاحبة الأخرى!! وفي صور أخرى هناك العديد من النسوة اللاتي أصبحن يتفاخرن بشراء اغلى الملابس والمستلزمات النسائية خاصة من خارج المملكة حتى أصبحت هذه ظاهرة تنافسية بينهن ولذلك وجد فيهن الباعة والمسوقون من خارج المملكة فرصة كبيرة لكسب اكبر قدر ممكن من المال من خلال تسويق أنواع من الملابس والمستلزمات التي منها قد لايستخدم إلا مره واحدة فقط او قد لايستخدم إطلاقا رغم أن شراءها قد كلف عشرات ألاف من الريالات؟! وفي صورة ثالثة ينقل المسؤلون في المستشفى بألم وحسرة عن تفشى ظاهرة التنافس بين فئة من النساء في تحويل حالة الولادة إلى فرصة كبيرة لإبراز أعظم صور التفاخر والتباهي أمام الآخرين من خلال كم من التصرفات وأفعال البذخ والإسراف المخجلة للغاية والتي تعكس البطر والتباهي!! تبدأ هذه التصرفات من الحرص الشديد جدا على تغيير كامل لديكورات غرفة المستشفى؟؟ واستبدال الأثاث والستائر والإضاءة وحتى ورق الجدران!! بماهو اغلى وأثمن!!؟ ومنهن من حول الإقامة في المستشفى إلى منتدى يومي حتى آخر ساعات الليل وأصبحت الغرفة مزاراً وسمراً ليلي يوميا ولعدة أيام وللتفاخر بأغلى وأثمن وأطيب أنواع الأكل؟؟!! وهذه ظاهرة مزعجة جدا يتحمل معاناتها بصمت مسؤولو المستشفى والمرضى الآخرين وكذلك المحتاجين للأسرة في الحالات الصحية الصعبة؟؟ وفي صورة رابعة نجد ان المسألة قد تطورت وانتقلت العدوى إلى مجتمع البنات في المدارس والجامعات فأصبحن أيضا يتنافسن على إقامة الحفلات الخاصة بهن كحفلات التخرج والتي يصاحبها ايضا إسراف وبذخ في كميات وفي أنواع الأكل والملابس وغير ذلك من التجهيزات.. ولعل الخبر الذي نشر في جريدة "الرياض" مؤخرا والمتضمن ان فتاة في الصف الثالث متوسط احتفلت بتخرجها من المرحلة المتوسطة وانتقالها إلى المرحلة الثانوية من خلال استئجار قاعة أفراح بقيمة تجاوزت العشرة آلاف ريال بالإضافة إلى التعاقد مع مطعم ومجلس القهوة والحلويات لإعداد كل ما لذ وطاب لتلك الليلة التي قاربت ليالي الزواج من ناحية التكلفة والإعداد!! هذا الخبر ليس الا مثالا مصغرا لهذه الظاهرة التي انتشرت بين البنات؟! إن ما يحدث ويرتكب في مثل هذه المناسبات النسائية ظاهرة تجاوزت كل حدود المعقول والطبيعي خاصة أنها تخالف تعاليم ديننا الحنيف قبل كل شيء.. والمحزن أكثر أن انتشارها يأتي في ظل ظروف اجتماعية صعبة ومتغيرات مختلفة تناقض وتخالف تماماً كل درجات صور ذلك البذخ خاصة إذا تناقل الناس أخباره وتردد بين المجتمع حجم المبالغ المالية الباهظة التي تنفق في مثل هذه المناسبات وصل بعضها إلى مبالغ (خيالية جدا) وعندما يعلم بها المحتاج أو الفقير أو المعسر يزداد ألماً وحسرة وبكاء؟! أيها الأحبة.. هذه المشكلة أو هذه الظاهرة التي تفشت بين الوسط النسائي في مجتمعنا يعود غيابها عن البحث والطرح والنقاش الإعلامي لعدة أسباب أهمها أنها قضية تتعلق بالمجتمع النسائي ولذلك فإن معظم الرجال قد لايدركون خفايا ما يحدث في مثل هذه الحفلات من بذخ وإسراف، كما أن بعض الإعلاميين يتهربون من التطرق لمثل هذه القضية لتخوفه من الخوض لمثل هذه المواضيع لأسباب معينة!!؟؟ الاحتفال والفرح والكرم شيء مطلوب ومقبول في كل المناسبات.. ولكن غير المقبول والمرفوض كليا هو ان تتجاوز صور هذا الكرم إلى أعظم درجات البذخ والإسراف والتباهي في مثل هذه المناسبات بسبب التنافس بين فئات من النسوة والمستفيد من ذلك هم منظمو هذه الحفلات ومعظمهم غير سعوديين أبدعوا كثيراً في إذكاء نعرة التنافس بين حفل وآخر وحفلة وأخرى؟؟ الظاهرة تحتاج إلى قرار شجاع من رب الأسرة.. وتحتاج الى تتدخل من الرجال الذين منهم من لايعلم ومنهم من لايملك القدرة على اتخاذ قرار المنع!! وهي ظاهرة تحتاج إلى رفع معدلات الوعي الأسري والاجتماعي وهذه مسؤولية تشترك بها جهات عدة أبرزها الدور الإعلامي والتوعية الدينية خاصة من خلال وسائل عدة منها خطب الجمعة من اجل إيقاض هؤلاء النسوة مما هن مسرفات فيه وتجنب آثار التنافس والتقليد لبعضهن والذي تعكسه موائد وملابس ومستلزمات هذه المناسبات وهذه الحفلات. وبيان مساوئ وخطر الإسراف والبذخ في هذه الحفلات.. وتحتاج الى مبادرة ممن هم قدوة للمجتمع فهم أولى باتخاذ القرار الشجاع والحاسم والقدوة للاخرين!! عندها ستكون هذه أولى خطوات الحد من هذه الظاهرة وتلافي آثارها المستقبلية؟؟ المجتمع اليوم على مقربة جدا من بداية الإجازة الصيفية لذلك من المؤكد أنهاء ستشهد صوراً لاتعد ولا تحصى من صور هذا البذخ والإسراف!!