العلاقة بين السعوديين والسفر طويلة، وقديمة قدم المعاناة التي كانوا يسافرون من أجلها رغبةً في الرزق أيام العقيلات، وإلى الأسفار الحالية التي تهدف إلى المتعة والاسترخاء والاستجمام. بين الفقر والطفرات التي عاشها المجتمع تكونت حالة من "الفشخرة" أحياناً، وهذه تبدو في السفر كثيراً، حيث يضطر بعضهم إلى تقسيط سيارة من أجل أن يسكن في فندق فخم في هذه العاصمة أو تلك، ويستأجر سيارة فارهة، وهذا مرض اجتماعي ليس شاملاً بل هو ظاهرة، والظاهرة لا تعني شمولها على كل أفراد المجتمع. ولعل هذه الفشخرة هي التي انكعست سلبياً علينا بحيث أضحى الإنسان السعودي حين يسافر إلى الخارج يكون موضع استهداف من قبل النصابين والأفاكين وباعة الكلام. اطلعت على تحقيق مميز قامت به الزميلة عبير البراهيم في هذه الجريدة، افتحته بقولها: "منذ أن سافر عبدالرحمن إلى الخارج في رحلة صيفية مع أسرته، وهو يواجه مشكلة كبيرة في تعاطي الأفراد هناك، فحينما يسأل سائق الأجرة عن مطعم جيد يدلّه على مطعم "فايف ستار"!، وحينما يطلب منه مطعم آخر بأسعار مناسبة يعلق السائق: "أنت سعودي واجد فلوس"، كما أنه في حال دخوله السوق، يسأله أحد الباعة عن بلده، وحينما يعرف أنه سعودي، يتهافت عليه الجميع ويخرجوا له أثمن البضائع، يطلب منهم تخفيض السعر، فيسمع التعليق الدائم: "أنت سعودي، فلوس ما فيه مشكلة"! لم يفهم "عبدالرحمن" سبب النظرة الشائعة أن مواطني المملكة أثرياء، لكنه حينما يتأمل الوضع، وجد أن الكثير ممن أوضاعهم غير جيدة على أرض الوطن عندما يسافرون إلى الخارج؛ فإنهم يرتدون الملابس الغالية، بل ويصرفون أموالاً طائلة"!! المشكلة أن البذخ الذي يكون واضحاً على السعوديين في أسفارهم ليس "صرفاً"، وهناك مسافة بين الصرف والإنفاق على الذات والأولاد وعدم التقصير معهم وبين أن تبذخ. السعوديون استهدفوا من قبل جامعي التبرعات لبناء المساجد كما يزعم المتسوّل، ومن قبل سائقي التاكسي الذين يطلبون منهم على المشوار الصغير مبالغ باهظة. * آخر السطر: جربوا إذا كنتم في بلد عربي أن تقلدوا لهجة أهل ذلك البلد، تظاهروا أنكم من مصر في مصر أو من لبنان في لبنان ستجدون الفواتير تختلف كثيراً، هذا ما قاله أحدهم وقد صدق، هناك استغلال وأي استغلال.. لكن يبدو لي أننا نحن من سببه، والله المستعان.