الصين تعلن «معارضتها القاطعة» للرسوم الأمريكية وتدعو إلى «الحوار»    البديوي يؤكد أهمية تفعيل التعاون الأمني بين الجانب الخليجي - الأوروبي    بعد تحرير الرميلة.. الجيش السوداني يزحف نحو قلب الخرطوم    إحباط تهريب 120 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر بجازان    «صحة جازان»: خطط لتطوير القطاع غير الربحي    طالبتان من الطائف يحصلن على المستوى الذهبي وطالبتان تفوزان في مسابقة تحدي الإلقاء للأطفال    "هداية" تحتفي بإنجازاتها لعام 2024م بأكثر من 1500 مسلم جديد    مدفوعة برؤية 2030.. 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالمياً    لا للتهجير.. اجتماع فلسطيني - مصري في القاهرة اليوم    بدء أعمال السجل العقاري ل (15) حيًا بالمدينة المنورة    رابطة العالم الإسلامي تثمِّن عاليًا تأكيد المملكة موقفها الثابت والراسخ من قيام دولة فلسطين وعاصمتها "القدس الشرقية"    مساحة العُلا للتصميم تحتضن معرض "مدرسة الديرة"    رياح وأمطار متفرقة وتوقعات بتساقط ثلوج على مرتفعات تبوك    «فروسية الطائف» تحتفل بكأس سعود بن محمد    «موسم الرياض» يرعى حفل الزواج الجماعي «ليلة العمر» ل 300 عريس    مقترح بتحويل «بني حرام» إلى وجهة سياحية وربطها ب «المساجد السبعة» بالمدينة المنورة    الكويت: صدور مرسوم أميري بتعديل وزاري يشمل "الداخلية" و"الدفاع"    «رماح النصر».. تمرين جوي لرفع القدرات القتالية بمشاركة 15 دولة    الدوسري لجيسوس: «ليش طلعتني؟»    الرياض تحتضن «بطولة المملكة المفتوحة» للكيك بوكسينغ.. غداً    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    أسترالي يصطحب صندوق قمامة في نزهة    انتحار طبيب هرباً من نفقة أطفاله    ضم هيئة التأمين لعضوية اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال.. مجلس الوزراء: نقل اختصاص تراخيص 4 مهن لهيئة المراجعين والمحاسبين    الاقتصاد السعودي.. أداء قوي واستدامة مالية    السماح للشركات الأجنبية الخاصة ب«الطلب» بنقل الركاب    طرح تذاكر كلاسيكو الأهلي والنصر    في ختام الجولة 20 من" يلو".. الباطن يواجه النجمة.. والجندل في ضيافة العربي    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون    محادثات بين الشرع وأردوغان لتعزيز العلاقات والتعاون الدفاعي    بيئة حيوية    أخضر تحت 20 عاماً يواصل الإعداد للآسيوية    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    جريمة دهس تهز لبنان.. العنف يغتال حياة عشريني    10 % من مشاهير التواصل مصابون بالانفصام    نورة الجربوع: العمل الفني ترجمة للمشاعر في مساحات اللون    فريق جرعة عطاء ينظم فعالية للتوعية بمناسبة اليوم العالمي للسرطان    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني لطب حديثي الولادة في جازان    9 تنبؤات لأكبر اختراقات بحثية لعام 2025    استعراض إنجازات لجنة السلامة المرورية أمام محمد بن ناصر    مترو الرياض.. وإعادة تشكيل الهوية    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    طلاب وطالبات جامعة الملك سعود يُتوجون ببطولة الجامعات التنشيطية للبادل    فهد بن نافل: صافرات الاستهجان لا تمثل جماهيرنا ولا تمثل الهلال ولا تخدم النادي    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    نصائح عند علاج الكحة المستمرة    علاج السرطان بتقنية cytokinogenetic therapy    بئر بروطة    666% نموا بدعم مربي النحل وإنتاج العسل    السعودية تقود المسار.. وسوريا تبدأ صفحة جديدة    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    تطبيع البشر    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة للتصافي
نشر في أنباؤكم يوم 17 - 01 - 2010

فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة - نقلا عن موقع الاسلام اليوم
لَمْ أشأْ أن أجعل عنوان مقالتي هذه " دعوة للمصالحة " خشية أن يُفهم من هذا إلغاء جوانب الاختلاف ، لأنه قد يوجد ما يدعو للاختلاف في أمور الشريعة أو في مصالح الدنيا ، فالاختلاف سنة إلهية ولا حيلة في دفعها ، بل لو لم يوجد الاختلاف لكان ذلك تفويتاً لكثير من المصالح والخيرات ، وقد امتنّ البارئ جل وعز بتنوّع ألسنتنا وألواننا وسائر أشيائنا .
التصافي يعني استثمار الاختلاف إيجابياً ، عوضاً عن أن يتحول إلى تحضير للصراع واستعداد للنزاع .
التصافي يعني أن تجتمع القلوب وإن لم تجتمع العقول .
التصافي يعني تفعيل " الأخلاق " على أكمل الوجوه ، وليس تفعيل "المعرفة" فحسب .
قد تقتضي المعارف والاجتهادات أن نتفاوت في مواقعنا ورؤيتنا ومواقفنا وتحالفاتنا ولكن الأخلاق تقتضي أن لا تتحول نتائج المعرفة والاجتهاد إلى قسوة على النفس ، بالقسوة على أحبتنا ، وقد قال ربنا سبحانه : " (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)(النور: من الآية61).
التصافي يعني الاهتمام الكبير بدوائر المتفق عليه ، والعناية بالمشتركات الإنسانية وهي ضخمة ، والمشتركات الإيمانية وهي ضخمة أيضاً ، ولهذه المشتركات من الحقوق الشيء العظيم الذي قرّره القرآن ، وأكدته السنة ، وعززته التجارب الإيجابية والسلبية معاً .
التجارب تصيح بنا أن نتحالف ونجتمع على القواعد الكلية والمشتركات الشرعية والمصالح الحياتية .
وألا نتجاهل الخلافات سواء كانت جوهرية أساسية ، أو كانت جزئية فرعية ، لكن لا نجعل الإحساس بهذه الخلافات هو الذي يتحكم في عقولنا ، ويسيطر على عواطفنا وقلوبنا ، ويؤسس لعلاقاتنا البَيْنيّة ؛ لئلا تتحول العلاقات إلى حروب ومكايدات وتقارير سلبية يرفعها القلب للعقل ، ثم يفيض بها العقل للسان واليد والقلم .
الحياة ليست معركة .
التصافي هو الاختلاف الهادئ ، والاتفاق الأصيل .
التصافي هو الخلق الكريم ، والمعرفة المحققة .
التصافي هو الفصل بين حق العلم وبين غرور النفس ونزقها وشيطنتها وكبريائها وأنانيتها .
التصافي هو الانتصار في معركة الصراع الأولى ، الصراع مع أهواء النفس الخفية ، ودوافعها الباطنة ، وشرورها المترسخة ، والتي تظهر أحياناً بهيئة الخير والإيمان والغيرة والصفاء ويصعب على صاحبها ملاحقتها وكشف ملابساتها وتمشيط جيوبها الخفية المتغلغلة في " العقل الباطن " ، (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:7،6) .
وسبحان العليم بمداخل النفوس ومساربها والمطلع على خفاياها وأسرارها (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19) .
الصفاء مكاشفة مع النفس ، وتمرد على أحكامها الجائرة ، وأمراضها المسيطرة ، وإيحاءاتها المدمرة .
التصافي كشف لعيوب الذات ، وتواضع لرب الأرض والسماوات ، وطلب للمغفرة بحفظ مقامات الآخرين وحسن الظن بهم ، وتسامح مع زلاتهم حتى حين تكون زلاتهم إجحافاً في حقك أو عدواناً عليك أو قسوة مفرطة أو ظلماً طويلاً ممتداً لا عدل معه ، ولا تراجع .
التصافي إدراك جيد بأن الكلام سهل والفعل ليس كذلك ، فلِكي نتجاوز المرحلة المتخلفة في واقع أفرادنا وجماعتنا وتياراتنا ومجتمعاتنا ودولنا نحتاج إلى الرقِيّ الفردي ، والتفوق على ال " أنا " ، وتجاوز الحظوظ الذاتية ، نحتاج إلى مبادرات نبيلة من هذا النوع هنا وهناك ، تتجاوز الأتباع والمريدين ، والمصالح الخاصة لتكون تأسيساً حقيقاً لمستوى من التجرد والصدق يسعى إليه الجميع .
دعونا جميعاً نردد (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: من الآية10) ، ودعونا نردد مع الشاعر قوله :
تَعالوا بِنا نَطوي الحَديثَ الَّذي جَرى وَلا سَمِعَ الواشي بِذاكَ وَلا دَرى
تَعالوا بِنا حَتّى نَعودَ إِلى الرِضى وَحَتّى كَأَنَّ العَهدَ لَن يَتَغَيَّرا
وَلا تَذكُروا ذاكَ الَّذي كانَ بَينَنا عَلى أَنَّهُ ما كانَ ذَنبٌ فَيُذكَرا
لَقَد طالَ شَرحُ القالِ وَالقيلِ بَينَنا وَما طالَ ذاكَ الشَرحُ إِلّا لِيَقصُرا
مِنَ اليَومِ تاريخُ المَحَبَّةِ بَينَنا عَفا اللَهُ عَن ذاكَ العِتابِ الَّذي جَرى
فَكَم لَيلَةٍ بِتنا وَكَم باتَ بَينَنا مِنَ الأُنسِ ما يُنسى بِهِ طَيِّبُ الكَرى
أَحاديثُ أَحلى في النُفوسِ مِنَ المُنى وَأَلطَفُ مِن مَرِّ النَسيمِ إِذا سَرى
وتعالوا بنا نردد :
مِنَ اليَومِ تَعارَفنا وَنَطوي ماجَرى مِنّا
وَلا كانَ وَلا صارَ وَلا قُلتُم وَلا قُلنا
وَإِن كانَ وَلا بُدٌّ مِنَ العَتبِ فَبِالحُسنى
فَقد قيلَ لَنا عَنكُم كَما قيلَ لَكُم عَنّا
كَفى ما كانَ مِن هَجرٍ وَقد ذُقتُم وَقَد ذُقنا
وَما أَحسَنَ أَن نَر جِعَ لِلوَصلِ كَما كُنّا
إنني أدعو جميع المخلصين لكلمة سواء ، بعيداً عن صخب الجماهير وضجيجها وضوضائها وإسقاطاتها .
دعونا نتناول عبارات الاعتذار عمن أخطئوا علينا وأساءوا الظن بنا ، وليس أن نطلب منهم أن يعتذروا .. (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)(النور: من الآية22) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.