أخطأ رئيس الوزراء العراقي حين تجاوز في حديثه وعمم اتهامه على المؤسسة الدينية والعلماء في المملكة قائلا: «اعتدنا الكثير من المؤسسة الدينية السعودية ومن رجالها الذين يسمون أنفسهم بالعلماء، فهي ترتكب تجاوزات بشكل دائم كونها تحمل فكرا تكفيريا حاقدا عدائيا».. وتجاه هذا الاتهام التعميمي بادر مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إلى توضيح الموقف قائلا لصحيفة الشرق الأوسط يوم الأربعاء الماضي: إن العلماء في السعودية ليس منهجهم التكفير ولا يكفرون أحدا من دون حق، مؤكداعلى: ضرورة أن نسعى لما يوحد الكلمة ويجمع الصف، وأن على خطباء الجمعة الاهتمام بما حولهم وترك الحديث عن الأمور الخارجة عن النطاق الاجتماعي للمأمومين.. ولكن، لم يكن الأمر يصل إلى حد تدخل رئيس وزراء في دولة ورئيس هيئة كبار العلماء في دولة أخرى لو لم يتورط الداعية محمد العريفي في التعريض بالشيعة وأحد رموزهم ومرجعياتهم، الشيخ علي سيستاني، في خطبة جمعة ليس من شأنها ولا غرضها الخوض في أمر كهذا.. لم يكن للخطبة أن تصبح أزمة رفضها المثقفون والعلماء في المملكة، وقال عنها الشيخ عبدالمحسن العبيكان وهو عالم ومسؤول في الديوان الملكي: إن ما قاله العريفي لا يمثل رأي الحكومة السعودية لأن خادم الحرمين الشريفين يسعى دائما لنبذ الخلافات بين المسلمين وتوحيد الكلمة، وترك التطرف بكل أشكاله.. هذه الأزمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إذا لم يتم ضبط الأمور بشكل حازم. قبل العريفي تورط آخرون في أكثر من مسألة سببت احتقانات وخلقت توترات لم نكن في حاجة لها أبدا. قبل فترة تورط الشيخ الكلباني، في حديث تلفزيوني عن المذهب الشيعي وقال فيه ما لم يكن بحاجة لقوله وحدثت آنذاك أزمة مشابهة، وقبل الشيخ الكلباني تحدث البعض من المحسوبين على الدعوة عن مسائل لا تفيد بقدر ما تثير وتسيء.. الكل يعرف، داخل المملكة وخارجها، أن مثل هذا القول لا يمثل المؤسسة الدينية والسياسية الرسمية، ولا يمثل وعي المجتمع السعودي، ومع ذلك نتعرض بسببه إلى إحراج كبير، ونبدو وكأننا متناقضون حين نتبنى الاعتدال والتسامح والتعايش بين المذاهب والأديان وفي الوقت نفسه نفسح المجال لخطاب غير مسؤول لا يدرك التبعات التي تترتب عليه..