جمال سلطان - صحيفة المصريون هناك مزايدات رخيصة حدثت وتحدث في أجواء مباراة مصر والجزائر يدخل فيها البيزنس الحرام مع التعصب البغيض ويتحمل قطاع من الإعلام المصري والجزائري مسؤولية كاملة عن كل قطرة دم تراق أو أي مصري أو جزائري يصاب بأذى ، صحيفة الشروق الجزائرية التي تتولى تسعير الحرب طوال الأسابيع الماضية زفت البشرى إلى المواطنين بأن توزيعها خلال أيام الحرب الكروية وصل إلى مليون ونصف المليون نسخة ، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجزائر والمغرب العربي كله ، ولكنها لم تقل للناس أن هذا الإنجاز الكبير كان ثمنه دماء بريئة من الشعبين المصري والجزائري ، أي أن الصحيفة تتاجر بالدم في واقع الأمر ، ولكي تنجح ويضخ في جيوب أصحابها الملايين ينبغي أن تسعر الحرب أكثر وأكثر ، فكتبت عن سقوط تسعة قتلى جزائريين في مصر في أعقاب المباراة ، وهو كذب مفضوح ولم تجرؤ الصحيفة المحترمة على ذكر اسم شخص واحد فقط من هؤلاء القتلى المزعومين ، وكانت هذه الشرارة التي أوقدت غضب شباب ثائر في الجزائر من نتيجة المباراة أصلا فأرادوا الثأر لقتلاهم في القاهرة بطبيعة الحال بارتكاب جرائم مماثلة في الجزائر ووهران لولا تدخل الأمن وحماية أهل الجزائر الأصلاء للجاليات المصرية هناك فأحبطوا المؤامرة ، بينما تاجر الدم ناشر صحيفة الشروق ينفخ في سيجاره بسعادة وهو يسأل مؤسسة التوزيع عن الأرقام التي بلغتها الصحيفة بعد نشر أخبار القتلى ، الصحيفة أتت بأشخاص مجهولين يتحدثون كلاما خرافيا عن الهجوم الوحشي الذي تعرضوا له في أعقاب المباراة مثل الحديث عن تعمد سائق الحافلة التي خرجت بهم من استاد القاهرة إلى المطار المرور بمناطق شعبية لكي يهاجموا المشجعين ويعتدوا عليهم ، والأخ الدجال الذي "فبرك" الحكاية لم ير القاهرة أصلا ولا يعرفها ، لأنه بين استاد القاهرة ومطار القاهرة سبع دقائق فقط بالسيارة ولا يوجد بينهما من أي جهة من جهات الدنيا الأربع أي أحياء شعبية ، مجرد أكاذيب واختلاق حكايات ساخنة لتهييج الشباب المتعصب لإشعال الحرائق والمتاجرة في الدم الحرام ، على الجانب الآخر تولي الإعلامي مدحت شلبي وقناة مودرن اسبورت قيادة عملية التهييج في الإعلام المصري قبل المباراة بأسبوع على الأقل وراح يسرد تاريخ الاعتداءات الجزائرية المزعومة على المشجعين المصريين من عشرين أو ثلاثين سنة بمرارة مصطنعة وكاذبة ، وكأنه يقدم سجلا حربيا لحشد جيوش الغضب للثأر من الجزائريين ، وكان يتحدث بصراحة عن أنه لن نسمح لهم بالاستمرار في هذا المسلسل ، وهو لا يقصد نفسه لأنه هناك يستتر في الاستديو المكيف والمحمي بقوات الأمن ويقبض ثلاثة ملايين جنيه مصري سنويا مقابل هذا الكلام الفارغ والتحريض الإجرامي الذي يعرضه على ملايين الشباب المتحمس في تحريض سافر وعلني على العنف و الخروج على القانون والروح الرياضية ، فهو لن يدفع أي ثمن لهذا العنف من جيبه أو دمه أو أولاده وإنما الذي يدفع الثمن هم الشباب الغر المتحمس الذي لا يكاد يجد قوت يومه ، ولم يكن مدحت شلبي وحده وإنما هناك كتيبة من اللاعبين السابقين الذين تحولوا إلى مذيعين وإعلاميين في القنوات الخاصة وفي تليفزيون الدولة خلطوا بين وظيفة الإعلامي وبين مشجعي الدرجة الثالثة ، ولا يمكن أن نبرئ المسؤولين في البلدين من المسؤولية عن ترك الأمور تتعاظم حتى يشتعل الحريق ، كانت كل حكومة تحاول استثمار الحدث للمتاجرة به كإنجاز للقيادة السياسية هنا أو هناك راعية الرياضة والرياضيين ، وأن هذه القيادة أو تلك هي التي ستحقق حلم الملايين في مصر أو الجزائر بالوصول إلى جنوب أفريقيا ، وكأنهم سيصلون إلى الجنة ، ولا تريد أي قيادة أن تظهر كفاشلة أو خاسرة في رهانها أمام شعبها ، الكل تاجر بالمباراة ، والشعوب البائسة المغلوبة على أمرها هي وحدها التي تدفع الثمن من دمائها ومصالح أبنائها . [email protected]