جمال سلطان - نقلا عن المصريون فشلت هوجة الشعوبيين الجدد الذين استغلوا غضب الجماهير وسخطها على الأحداث التي أعقبت مباراة مصر والجزائر من أجل أن يشعلوا الحريق في العرب والعروبة وهوية مصر التاريخية ، وهي الهوجة التي كانت مدعومة مع الأسف من شخصيات رفيعة في مصر والجزائر معا ، ووظفت لها أجهزة الإعلام الرسمية من صحافة وتليفزيون ، بالأمر المباشر ، هنا وهناك ، هنا في مصر دخل الجميع جحورهم بعد أن أعلنت القيادة السياسية بوضوح وبعد صبر دام لعدة أيام أنها لن تقبل المساس بعلاقات مصر التاريخية مع الجزائر ، وأن مصالح مصر لا تحددها كرة القدم وعواطفها ، وإنما تحددها استراتيجيات كاملة لأمن مصر ومصالحها القومية ومصالح الدول العربية معها ، وعلى الفور بدأت الفاعليات المصرية الجزائرية تعود إلى سابق عهدها ، فتم الإعلان عن إنشاء شركة عملاقة مصرية جزائرية للتنقيب عن النفط والغاز ، كما تمت دعوة بعض الوزراء والمسؤولين من الجزائر الشقيقة إلى مصر لحضور بعض الندوات واللقاءات الرسمية ، ثم تم الإعلان عن عودة مئات الموظفين المصريين الذين عادوا من الجزائر خلال الفترة الماضية إلى أعمالهم هناك من جديد بكل ترحاب وكل ضمانات الرعاية من الأشقاء في الجزائر ، كما تم الإعلان عن مشاركة بعض الفرق الرياضية الجزائرية في البطولات الدولية التي تستضيفها مصر ، مثل بطولة كرة اليد ، باختصار ، تم دحر الموجة الشعوبية وما صاحبها من عمليات انتهازية وعمليات سمسرة باسم الكرامة الوطنية عبر الإعلام الرسمي والخاص ، وفي هذا السياق أعلن السيد محمد الرميثي رئيس اتحاد كرة القدم في الإمارات عن مبادرة منه بدعوة كل من المنتخبين المصري والجزائري لأداء مباراة ودية بالإمارات تكون عنوانا على عودة روح الأخوة والمحبة بين المنتخبين الشقيقين ، ولإزالة أي رواسب غير حسنة في نفوس اللاعبين ، وأكد الرجل على أن التطورات الرسمية في مصر وموقف الرئيس مبارك الواضح في هذه المسألة كان هو دافعه لإعلان مبادرته وأنه متمسك بها بكل قوة ، وأتصور أنها مبادرة نبيلة ، وأتمنى من الاتحاد المصري لكرة القدم أن يفكر جديا في تلبية هذه الدعوة ، وإن كنت أتمنى أن تكون مباراة احتفالية ليس بين فريقين : المصري والجزائري ، وإنما بين فريقين مختلطين من لاعبين من كل من الجانبين ، بحيث يكون كل فريق ممثلا بنصفه من اللاعبين المصريين ونصفه الآخر من اللاعبين الجزائريين ، وأن يكون طاقم التحكيم أيضا مختلطا من مصر والجزائر ، وكما يقولون ، رب ضرة نافعة ، فقد كشفت الأحداث المتعلقة بهذه المباراة عن "خفافيش" ظلام حقيقية ، وخلايا شعوبية نائمة ، تترصد لهوية مصر وهوية الجزائر ووحدة الأمة العربية ، وهذه الخفافيش تنقب بكل دأب عن أي حادثة تقع لمصري في الخليج أو المغرب أو الجزائر أو السودان لكي تقيم الدنيا ولا تقعدها سبابا وهجاءا في تلك الدولة الشقيقة بصورة فجة وبالغة الإسفاف من أجل تهييج النفوس والخواطر وشحنها تجاه أهل ذلك البلد ، رغم وجود مئات الآلاف من أبنائنا هناك يتلمسون الرزق فيها ويحظون برعاية أهلها وحكوماتها ، ومن الطبيعي أن يكون لبعضهم مظالم ، كما لأمثالهم في الوطن نفسه ، ومن الطبيعي أن يقابلوا نماذج فاسدة وظالمة هنا أو هناك ، تستدعي علاجها والدفاع عن حقوق المظلومين في حدودها ، بحيث لا نتيح لمثل هذه الخلايا الشعوبية النائمة فرصة تفجير علاقات الشعوب وشحنها على بعضها البعض والتشكيك في هوية الوطن ، على النحو الذي مارسه هؤلاء في القاهرةوالجزائر على حد سواء . [email protected]