لم يكن البيان الصادر عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر - قبل أيام - , بيانا علميا منصفا منضبطا بضوابط الشرع , بل كان بيانا غريبا , يثير الكثير من علامات الاستفهام . فقد تحدث البيان عن عصابات التمرد الحوثيين في " صعدة " اليمنية , وكأنها دولة ينبغي التحاور معها حقنا للدماء , بعد أن بدأوا في العدوان , واخترقوا الحدود السعودية , ووجهوا بنادقهم نحونا , ودعوة السعودية إلى وقف القتال فورا في ساحة المعركة , والامتناع عن مواجهتهم , لمنع إراقة دماء المسلمين , وقتل المدنيين والأبرياء . وجدت السعودية نفسها أمام حالة من إعلان الحرب على أراضيها , وعلى سيادتها , وعلى هويتها الوطنية . وما فعله المتمردون الحوثيون لا يصب إلا في خدمة إسرائيل وأعداء الأمة الإسلامية , له أثمان باهضة , - خاصة - وهم ينفذون أجندة خارجية , ربطوها بإيران ومشروعها الفارسي , فوقفت خلفهم بالدعم العسكري واللوجستي , وبحجمها وثقلها الاستراتيجي , من أجل تحويل تمرد الحوثيين إلى قضية إقليمية . كان الإنصاف , وقراءة الحدث قراءة حيادية - بهدوء وعقلانية - , أن يضع الإخوان المسلمون النقاط على الحروف في بيانهم , وأن يستنكروا الاختراق الإيراني , الذي أصبح مكشوفا , ويحذروا من خطورته , الساعي إلى زعزعة استقرار المنطقة , وإثارة النعرات الإنفصالية والطائفية , فالأهداف هي - ذاتها - لم تتغير , لكن الآليات اختلفت , ومن ذلك : دعمها للحوثيين في صراعها مع الحكومة اليمنية . - لاسيما – وأن المنطقة المتنازع عليها ستحمل بذور عدم استقرار , وتحديات كبيرة ستؤدي إلى نتائج كارثية . فليس من عاقل يستطيع إغفال ما تقوم به عصابات التمرد الحوثي من رغبتهم في تقسيم اليمن , وفق رؤية تقوم على غطاء مذهبي , وإقامة كيان يخدم إيران وفق صيغة صفقات , أو مساومات كبرى , فالقضية أبعد من ذلك بكثير . وكان الأولى بجماعة الإخوان المسلمين , أن تستنكر لغة الترهيب والتخويف , الذي تغلب على خطاب -الرئيس الإيراني - محمود أحمدي نجاد - قبل أيام - , بعد أن توعد السلطات السعودية , بأن بلاده ستتخذ قرارات مناسبة , إذا لم يتلق مواطنوها معاملة مناسبة خلال أدائهم مناسك الحج , وكأنه يريد أن يذكرنا بما حدث في حج عام 1986م , من إثارة الفتن والقلاقل , ورفع الصور , واللعن لأنظمة سياسية , والبحث عن أوراق تستخدم في إثارة النعرات الطائفية , وتمرير المشاريع السياسية من خلال دعوته إلى تسييس الحج , بمباركة أطياف دينية وحكومية . إن مسؤولية الدفاع عن الوطن مسؤولية الجميع , يجب مواجهتها بحزم وقوة , لإفشال تلك المخططات والمؤامرات , التي تعمل لصالح أجندة خاصة . إذا لا يجوز التجاهل , أو التغافل , أو التخاذل أمام تلك الاختراقات , والأعمال التخريبية . فما يحدث في اليمن , أو على الحدود السعودية سيطال جميع الدول العربية والإسلامية , إذا لم يواجه بأجندة مقابلة ومناسبة , وعندها فقط ستتحول مجتمعاتنا إلى بؤر ساخنة . [email protected]