يوسف الكويليت - الرياض السعودية الكثير من قضايانا العامة والخاصة يثار على مبدأ أننا مجتمع ينمو ويتطور محاولاً التلاؤم مع واقعه، إذ حتى لو جاءت بعض الرغبات والأفكار من الدولة بتطبيق ما لا يتوافق ورغبة المواطن ، أو كسر ما يعتبره حقه الخاص، فإن قابلية التنفيذ ستكون صعبة إن لم تكن مستحيلة، غير أن القابليات الأخرى التي لا تصادم المعتقد والتقاليد والعادات تبقى خياراً تحكمه الضرورة، ومن هناء جاء الجدل حول حق ممارسة المرأة للرياضة وخاصة طالبات المدارس بين رافض يعتبرها خروجاً عن نواميسنا، وقد يقيس ذلك على صور من يخضن المسابقات الدولية بسراويل قصيرة، وإخراج مفاتن المرأة، وهذا المقياس مستحيلٌ أن يحدث في مجتمعنا المحافظ وشديد التمسك بدينه وثوابته، لكن الذين مع هذه الممارسات وبضوابط تلتقي مع توجهنا العام يعتقدون أنها ضرورة صحية، إذ كما نعرف، أن أجيالنا الراهنة من الذكور والإناث تتعرض للسمنة باعتبار المتغير في عادات الأكل، والمنزل وحتى المدينة، والوفرة المادية، وبالتالي نجد أن الوعي في ممارسة الرياضة الذي نشاهده على أرصفة المشاة والذي تشترك فيه المرأة بلباسها المعتاد رؤيته في الشارع، يعد تطوراً إيجابياً لا سلبياً، ولو جاء من ينادي بمنع ذلك لاعتبر ، بمنطق الصحة العامة، خاطئاً، ولا ننسى أن المرأة من أمهاتنا وجداتنا، كانت تمارس رياضتها من خلال متطلبات تلك الحياة بجلب المياه والطحن والهرس، وجلب الحطب، ولم يُستثن الريف أو البادية والحاضرة من تلك التكاليف التي فرضتها الأحوال الاجتماعية القديمة.. أما الآن فمن غير المنطقي أن لا نقاوم الأمراض الحديثة التي غزت حتى الصغار مثل السكري والضغط، وأمراض الجهاز الهضمي وغيرها، أن لا نوجد العلاج بالرياضة، ولا نعتقد أن خصوصيتنا ستنتهك ونحن نعرف أن المدارس النسائية لها نظامها وحراسها، وضوابطها من حيث المكان سواء كانت حكومية أو أهلية، وبالتالي إذا كانت الرياضة ضرورة، فهي تلتقي مع ثقافة المجتمع وتطوره ، ولا ندري ما هو التفسير المنطقي بمنعها إذا كانت شروطها متكاملة دينياً واجتماعياً، ولا نظن أن علماءنا الأفاضل لديهم التحفظات التي يرون فيها مصلحة اجتماعية وصحية، ولا نجد في الموضوع تجاوزاً أخلاقياً حتى يفترض سد الذرائع.. نعرف أن في بيوت الموسرين مسابح، وملاعب صغيرة، وطاولات للتنس، أو الأجهزة الرياضية المساعدة مثل الجري أو المشي بواسطة السيور المتحركة، لكن هذه لا تتوفر لكل الناس، ثم إن الرياضة في المدرسة والجامعة والمعهد هي رفع كفاءة الإنسان صحياً وثقافياً، وانعكاسها سيبقى قائماً على الأجيال اللاحقة.. ثم إن تقريب وجهات النظر بين الممانع والموافق يجب حسمه باسم المصلحة العامة والتي لا تلغي توجهات الطرفين واجتهاداتهما بأن يصلا إلى الحل الذي تتفق عليه الأغلبية من المواطنين..