في كل مرة يثار تعليم وعمل المرأة تطل الاجتهادات من طرفي الممانعة، والإجازة، والأولون يعتقدون أن اقتحام المرأة العمل طريق للاختلاط والفساد، وأن وظيفتها منزلية فقط، بينما الطرف الآخر يوجز القضية أنه من الوهم إكمال حلقات التنمية البشرية والاقتصادية بحذف نصف المجتمع بوقت يرتهن مجتمعنا إلى ملايين العمالة من الجنسين من كل شعوب العالم.. وبصرف النظر عن وجاهة ما يقوله أصحاب تلك الآراء، فالاعتقاد بوجود متعلمات مؤهلات يحرمن من العمل أكثر خطراً على المفاهيم الأخلاقية، ثم لماذا لا نحسن النوايا بأن المرأة لديها حوافز هائلة من صيانة ذاتها، وأن التعليم أهم مهذب وداع للحماية من مخاطر الانزلاق للخروج عن قيم المجتمع وإذا ما أضيف أننا مجتمع متدين وملتزم بمبادئه، وأن الروادع لدينا كبيرة، تثبتها الاحصائيات من أننا أقل المجتمعات شذوذاً أو ممارسات للبغاء أو المخدرات أو تزايد نسب الجرائم الأخرى من قتل وسرقات واعتداء على الآخرين.. في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول جاءت قرارات زيادة فرص عمل المرأة في المجالات التي تناسبها في الأجهزة الحكومية، ثم إلزام مؤسسة التدريب التقني زيادة الطاقة الاستيعابية للتدريب التقني والمهني وللعديد من الاختصاصات.. وكذلك فتح المجال لأن تكون رياض الأطفال، وتأنيث الوظائف التي تناسب قدراتها وظروفها خاصة بها.. وإذا ما ربطنا ذلك بوجود نائبة لوزير التربية تجعل وظيفتها متعلقة برسم السياسات والاختصاصات بالمرأة، فالموضوع لا يقف عند اجتهادات فقط، إذا وجدت الضرورات، ولعلنا بخلق فرص الوظائف النسوية نستطيع غلق الكثير من الاحتياجات، وخاصة ما تقوم به العمالة الأجنبية والتي لا يمكن الارتهان لها أو بقاؤها، ويكفي أنه في حادثة احتلال الكويت، فقدنا الآلاف من المتعاقدين الذين هربوا من مخاوف الحرب، ليأتي النقص كبيراً في مراكز حساسة مثل المستشفيات والشركات والمعامل والصيدليات وغيرها من المهن الرفيعة الأخرى، وعجزنا عن تعويضها من المواطنين. ثم انه إذا كانت المرأة تسجل نجاحاً في العديد من المجالات بما فيها قيادة مراكز مالية مرموقة، وفي الطب والهندسة والتدريس وغيرها، فإن بلوغنا ذروة سد احتياجاتنا من الوظائف لا تقف على جنس دون آخر مع عدم الإخلال بالضوابط الاجتماعية.. قرارات مجلس الوزراء لا ينظر إليها من الزوايا السلبية، إذ ليس منطقياً أن تتسرب آلاف الاختصاصات لتجد لها وظائف في دول الخليج، ومن غير المنطقي أن لا نرقى بنظرتنا إلى أن المرأة ليست شريك أسرة فقط، وإنما بناء مجتمع متكامل، وأن نجعل من خطط التنمية البشرية التركيز على تعليم وتدريب وتوظيف قطاع نسائي كبير لديه كل القابليات في التقدم خطوات عديدة.. أعود وأقول نحن مجتمع نامٍ وله علاقات اجتماعية وأسرية وضرورات ملء الوظائف الشاغرة، أو التي ستشغر ضرورة أساسية، وبالتالي لابد من مراعاة كل الظروف والتعامل معها بحس المسؤولية من كل الأطراف..