يوسف الكويليت * الرياض السعودية لدينا الآن ما تعارفت عليه الدراسات الاجتماعية بصراع الأجيال، وهو حتمية التطور ليس فقط في تلك الأبنية البشرية، وإنما في اهتزاز المسلّمات غير الروحية وخاصة التقاليد، ولذلك حدث التنوع والتغيير، بقوة المؤثرات التي تشترك بها كل الأمم والشعوب.. فالمرفوض صار جزءاً من نظرية ما قديمة ، وعندما رفضت الكنيسة آراء العلماء بأن الأرض ليست مركز الكون، هزت هذه النظرية علماء الدين المسيحيين، وقد جاء التصديق عليها بعد مرور العديد من السنين وبعد أن جُرِّم أصحاب هذه الاكتشافات، ولعل ما روته "زيغريد هونكه" في كتابها الشهير "شمس العرب تسطع على الغرب" من أن طبيباً عربياً ذهب لعلاج أحد أبناء ملوك أوروبا، لكن أحد القساوسة رفض، وقال للملك إن روح الشيطان هي التي حلت بساق ابنك، وأنه لابد من بترها، وقد تمت بالفعل عملية القطع، ومن جرائها مات الشاب أمام ابتسامة طبيب متعلم كان يملك شفاءه..ما يؤكد سطوع شمس الحضارة العربية على الغرب. المنجزات العلمية الراهنة والتي تطورت خلال عقدين أو ثلاثة اعتبرها العلماء وكأنها طوت ما يزيد على ثلاثة قرون بحسابات الاكتشافات والابتكارات الماضية، ونحن في المملكة جزء من منظومة تنتمي بشروطها الحضارية مع العالم كله والمقياس فقط ارتباط الإنسان بوسائل الاتصال ، وانفتاح الآفاق غير المحدودة على كل الثقافات والابتكارات وحتى الأحداث السياسية أو الكوارث الطبيعية مما صعَّب على أي رقابة خاصة أو عامة إعاقة تناقل الأخبار أو أي معلومة جديدة، وبما أن الموضوع يتعلق بثقافة مجتمع، فإن الفاصل الزمني بين جيلين لم يعد تراكم ثقافة وتقاليد تقليدية، عندما يكون ابن أو بنت العشر سنوات تملك تحريك أزارير الحواسيب، وفك شفرات المحطات الفضائية أكثر من أبيها وأمها الحائزين، افتراضاً، على شهادات جامعية، وهذا الفصل بالمعرفة، أصبح أحد المآزق في التعامل مع الأجيال الجديدة.. فالترفيه البريء مثل فتح دور للسينما وقاعات المسارح، وعدم المطاردة في معارض الكتب أو المطالبة بحجب موقع أو مؤلف، وتصنيف الناس بين طيب وسيئ ، ومؤمن ومشكوك بإيمانه، قادتنا إلى فتح نوافذ للمدعين بحقوق الإنسان من أننا مجتمعات مغلقة ولا تراعي الحقوق المشروعة.. أما على الجانب الداخلي فإن مبدأ المنع فرض اللجوء إلى المحرّم إذا ماعلمنا أن عدد المحطات الجنسية، كما قيل في إحدى الإحصائيات، يتجاوز سبعمائة محطة معظمها غير مشفر، وقس على ذلك مواقع الإنترنت التي أصبحت وسائل تثقيف وتدمير، ومثل هذا التجاذب قاد بعض شبابنا إما للاتجاه للمخدرات والسطو، وحتى القتل والجريمة المنظمة، أو الذهاب للجماعات المتطرفة، والتكفيرية التي لا ترى في عالم الوجود إلا دماء وليلاً طويلاً لا تعقبه أي شمس.. ثم إن وجه المنع ربما يذهب إلى أن في السينما مشاهد سيئة، وهذا صحيح لكن رقابتها أسهل مما تبثه الفضائيات وخاصة العربية منها التي تبنت موضوع شبه العري من أجل المكاسب المادية، وقس على ذلك مقاهي "الشيشة" والتفحيط وبعض الممارسات التي لا تقبل النشر، وأمام ذلك لا بد من إدراك المخاطر في كل السلبيات وعدم تركها للتفاعل السلبي بينما نملك كل الحلول في خلق البدائل الإيجابية..