استضاف نادي جدة الأدبي المؤرخ والمفكر الإسلامي الاستاذ الدكتور محمد عمارة ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للنادي ، وقد ألقى الدكتور عمارة محاضرة بعنوان " أثر الاستشراق في الثقافة العربية"، ونظراً لأهمية الموضوع المطروح والذي طالما شغل شريحة كبيرة من الكتاب والمثقفين اكتظت قاعة النادي بالمستمعين من كل الشرائح والمستويات الثقافية رغم ان الحضور النسائي لم يتجاوز عشرين امرأة من صحفيات وكاتبات. بدأ الدكتور عمارة محاضرته بشرح جذور الاستشراق وبداياته الأولى، وكيف أن الكنيسة ساهمت في رسم صورة مزيفة في العقل الغربي عن الإسلام والمسلمين وطرح عدة اقوال لأعلام من الغرب تحارب الاسلام وتدَّعي زيف رسالته! ويقول الدكتور إن احتكاك الغرب بالمسلمين في البلاد المفتوحة مثل الأندلس كشف لهم عن زيف ما ادعته الكنيسة ضد الاسلام والمسلمين ، مما دفعهم الى دراسة الاسلام ودراسة المجتمع الاسلامي، وكانت هذه بداية ظهور الاستشراق بسلبياته وايجابياته، ثم انتقل المحاضر الى شرح مختصر لسلبيات الاستشراق والتي كان منها كما ذكر نقل مشكلات اللاهوت الكنسي للإسلام، تضخيم المذاهب الهامشية في التاريخ الإسلامي، العلمانية، الحداثة، التاريخانية، النزعة المادية وغيرها. وقد عُرف عن الدكتور عمارة موضوعيته في الطرح فسلط الضوء على ايجابيات الاستشراق الذي حقق كثيرا من نصوص التراث العربي والاسلامي التي لم يلتفت اليها العرب، كما قال إن الاستشراق اتجه الى دراسة الشرق بصورة اكثر موضوعية وحيادية ثم عرض لشهادات من اعلام الاستشراق تنصف الاسلام واهله أمثال الباحثة الالمانية زيغريد هونكه صاحبة كتاب "شمس الشرق تسطع على الغرب"، وختم الدكتور عمارة محاضرته بأن العقل العربي مهمته البحث عن الشهادات والصيغ الجيدة العادلة لإعادة نشرها والرد بها على خصوم الاسلام لنقول "وشهد شاهدٌ من أهلها". وفي نهاية الأمسية طرح عدد من المثقفين والمهتمين بالقضايا الاسلامية وجهات نظرهم واستفساراتهم عن موضوع المحاضرة والتي أثْرَت الحوار وفتحت آفاقًا واسعة بين المحاضر والجمهور. وهكذا انتهت الأمسية التي أدارها الدكتور عبد المحسن القحطاني رئيس نادي جدة الأدبي والتي ميزها حُسْن استماع الجمهور وابتعادهم عن الأحاديث الجانبية مما يوحي بوعي المجتمع بقضاياه الحساسة التي تمس دينه وثقافته.