السؤال ماحكم الوصف بالكفر والفسق والعلمنة، علما بأنه يوجد من بيننا أناس بمجرد ما يرى من شخص مخالفة يشنع عليه بالألقاب حتى يتكلم بأمور متعلقة بالأمن ويطعن إلى آخره.. وهناك من يريد غلق الباب مطلقاًً فما الموقف الحق فيه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن المسارعة إلى التكفير دون ضوابطه الشرعية أمر خطير، يوقع صاحبه في الإثم الكبير كما في الحديث الذي رواه ابن عمر _رضي الله عنهما_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما" رواه البخاري. وفي رواية "من رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله" رواه البخاري. فالواجب التثبت في هذا الباب، فينظر أولاً إلى القول أو الفعل هل يصل إلى درجة الكفر أو الفسق أو لاً، ثم ينظر إلى القائل أو الفاعل هل يحكم عليه بمقتضى ذلك أم أن له عذراً يدرأ عنه الحكم من الأعذار الشرعية كالجهل والإكراه والخطأ والتأويل السائغ. ثم يجب أن يضبط مصطلح العلمانية وما يسوغ إطلاقه عليه من الآراء والأقوال. فالعلمانية التي هي اعتقاد فصل الدين عن جميع شؤون الحياة كفر، فمن اعتقد بأن الشريعة الإسلامية ليس لها علاقة في حياة الناس الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية ونحو ذلك فليس بمسلم. ولكن لا يلزم أن يوصف من مارس عملاً يخالف الدين بأنه علماني بهذا المفهوم الذي يعني الخروج من الدين؛ لأنه ليست كل مخالفة أو معصية كفراً كما هو معلوم، وبخصوص هذه العبارة المذكورة فإنها عبارة محتملة، وهي ليست علمية. فالتفكير والتفسيق عن كان بغير ضوابط شرعية فيجب أن يمنع منه كل أحد سواء كان خطيباً أو داعية أو صحفياً أو غير ذلك، وقد شددت ومنعت النصوص الشرعية من إطلاق التكفير بغير دليل. أما منع ذلك مطلقاً فغير صحيح. وأما طرق موضوعات تخل بالأمن فهذا يجب منع الجميع منه حتى أهل الإعلام في جميع وسائلهم، فما يخل بالأمن أو يفسد المجتمع يمنع منه، ومن باب أولى ما يخل بدين الناس فكل ذلك يجب كف الألسنة والأقلام عنه كما هو مقتضى قواعد الشريعة، والله – تعالى- أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين