بلغت مقدمة ابن خلدون أفقاً لم يبلغه إلا القليل من المؤلفات ومن خلالها اكتسب ابن خلدون رحمه الله هذه الهالة والقدسية لدى بعض العلماء ومنها كسب ابن خلدون شرف السبق إلى اكتشاف وتحديد المعالم الأولية لعلم الاجتماع . جل الدراسات التي جعلت من ابن خلدون ومقدمته مادة لها انزلقت إلى أحكام مغالية في تقييم آراء ابن خلدون ونظرياته في العمران البشري وفق حالة إنبهارية حيدت الجانب العلمي النقدي وحولته من مؤرخ تقليدي إلى أسطورة ويستوي في ذلك دارسوه من العرب والمستشرقين على السواء. إلا أن بعض الدارسين للمقدمة وجدوا نتائج مخيبة للآمال ولم تعمي أعينهم الهالة القدسية للمقدمة فمنهم من أثبت أن نظريات المقدمة منقولة حرفياً من التراث اليوناني أرسطو تحديداً ومنهم من اتهم ابن خلدون رحمه الله بالنقل الحرفي عن رسائل إخوان الصفا. عالم الاجتماع العراقي علي الوردي : حكم على بعض نظريات ابن خلدون بأنه استمدها من رسائل إخوان الصفا. المفكر المغربي محمد عابد الجابري في بعض أبحاثه ومقالاته : لايرى في منجز ابن خلدون إبداعاً بل يرى أنه اعتمد على من سبقوه اعتماداً كلياً في كثير من المسائل . كثير من مسلماتنا وآرائنا وأحكامنا تحتاج إلى إعادة نظر وفق منهجية نقدية متزنة. ابن خلدون كتب مقدمته في قلعة ابن سلامة في تونس وفي خمسة أشهر بغرض دراسة التأريخ وقال رحمه الله عن مقدمته : إن الكلام في هذا مستحدث الصفة ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة " أخيراً القارئ لكتاب إبن الخلدون في التاريخ "المبتدأ والخبر" والذي أضحت مقدمته من أشهر الكتب في علم الاجتماع ،يتضح له جلياً أن إبن خلدون تناسى الكثير من القواعد التي قعدها في مقدمته ولم يطبقها في كتابته للتأريخ... وهذا مما تطول منه الدهشة . هل لونقبنا في بقية تراثنا بعيداً عن الهوى والأدلجةسنجد نفس النتيجة؟ كلي ثقة أن الجواب: نعم