عبد الرحمن الراشد رئيس قناة العربية تحول لدى قطاع كبير من المشاهدين العرب إلى المعادل الإعلامي لمحمد دحلان في الشأن الأمني والسياسي ، من حيث الاتهام بالتواطؤ مع الرسالة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة العربية وفي الشأن الفلسطيني بشكل خاص ، وقد وصل الحال إلى حد أن أطلق أهل الخليج على قناة العربية اسم "العبرية" نظرا لموقفها المخاصم والمعادي للمصالح العربية والنهج المقاوم للهيمنة الإسرائيلية أيا كان مصدره أو منطلقه ، الزميل الصحفي الموهوب عبد العزيز قاسم أجرى حوارا مع عبد الرحمن في صحيفة عكاظ السعودية ، واجهه فيه بمستوى الكراهية الذي حصلت عليه قناة العربية في العالم العربي من جراء مواقفها المتواطئة مع العدوان الصهيوني على غزة فأعطاه درسا مزيفا في حيادية الإعلام وأنه لا ينبغي أن يكون منحازا وأن أصول المهنة تقتضي منه ذلك ، وهو كلام لا وجود له على الإطلاق لا في الشرق ولا في الغرب لا في أمريكا ولا في أوربا ولا عند الصهاينة ، لا يوجد قناة تليفزيونية إخبارية اليوم ليس لها ميول وليس لها موقف وليس لدى القائمين عليها قناعات أو مصالح توجهها ، فقط هي تصرف هذه القناعات والرؤى في صيغ فنية ومهارات تقتضيها أصول المهنة ، وأظن أن المتابع لموقف الإعلام الأمريكي والأوربي من أحداث غزة فقط ، والانحياز السافر للعدوان والطرف المعتدى من خلال اختيار الصور والمشاهد والتعليقات والضيوف واضح ، وبالتالي فعندما يقدم صحفي سعودي بقناة ممولة من رجل أعمال سعودي وتبث من دبي عندما يقدم نفسه بأنه "نبي الموضوعية والحيادية" في الإعلام العالمي اليوم فهو دجل لا يمكن أن يوصف بغير ذلك ، ومجرد محاولة للهروب من "الفضيحة" التي جعلت المثقفين العرب يصفون قناته بأنها "العبرية" وليست العربية ، وقد حاول أن يلصق مصدر هذا الوصف إلى حزب الله وحسن نصر الله للعب على الوتر الطائفي ، وهو يعلم علم اليقين أن هذا الوصف أول من أطلقه هم أهله وجيرانه ومواطنوه في السعودية ، أنا لن أعيد هنا التناقضات التي أحصاها بعضهم في مقالات منشورة وموثقة والتي تجعله يوجه قناته ذات يوم بأن تصف بعض الأعمال في العراق أو السعودية بأنها اعتداءات وأعمال إرهابية ويصف بعض الضحايا(مثل مراسلة العربية أطوار بهجت) بأنهم شهداء ، في حين أنه يبرر عدم استخدام هذه المصطلحات في العدوان الإسرائيلي على غزة بأن "أصول المهنة" وحياديتها تقتضي عدم استخدام هذه الألفاظ ، المهنة تتذكرها هنا فقط يا عبد الرحمن ؟! ، كما لن أتوقف كثيرا عند حكاية "الشركة الهولندية" التي جعلت قناة العربية مثل الدجاجة التي تبيض ذهبا كل يوم للراشد وصاحبه حيث لن يمضي وقت طويل قبل أن يعرف الجميع من هو المالك الحقيقي للشركة الهولندية التي تهيمن على انتاج برامج قناة العربية باستثناء برامج الهواء وبرامج قليلة مثل برنامج جيزيل خوري ، وقد اعترف في حواره بأنه المالك لشركة بريطانية باعت أعمالا قليلة للعربية ولم يستح أن يمارس هذا الفساد المالي والإداري الصريح وأن يكون هو البائع وهو المشتري وهو الوسيط وهو السمسار في "بيزنس" خاص بين شركته الخاصة والقناة المؤتمن على أموالها ، لكني سأتوقف عند وصف الراشد في حواره مع عبد العزيز قاسم لمن يتابعون قناة الجزيرة ويعجبهم خطابها الإعلامي بأنهم "خرفان" لأسأله أن يوضح لنا الأصول المهنية التي أتاحت له استخدام هذا الوصف الإعلامي الرصين لملايين المشاهدين في العالم العربي وغير العربي ، وأن يوضح أيضا ما إذا كانت القاعدة التي استخدمها ستتيح للمختلف مع قناة العربية أن يصف من يتقبلون خطابها أو يصوغونه ويوجهونه بأنهم "خنازير" مثلا ، الراشد تحدى في حواره من يصف قناة العربية بأنها تتبنى الخطاب الأمريكي ، وهذه هي النقطة الوحيدة التي أتفق معه فيها في الحوار ، وأنا مدين بالاعتذار فعلا ، ولكن للأمريكان وليس له ، لأن تغطية قناة العربية للعدوان على غزة كشف بوضوح عن حقيقة أن خطابها هو "صهيوني" بامتياز .