فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز للزوجين اتخاذ وسائل لاختيار جنس الجنين من ذكورة وأنوثة، في ضوء تطور العلوم الطبية؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.. فإجابة عن سؤالك نقول: إن الاهتمام بتحديد جنس الجنين، والبحث عن سبل تحقيق ذلك ليس قضية حادثة، بل هي مسألة تضرب بجذورها في القدم، والجديد في القضية إنما هو فيما طرأ من تقدم في الوسائل والطرق التي من خلالها يمكن تحديد جنس الجنين، سواء أذكراً كان أم أنثى. والأصل جواز العمل على تحديد جنس الجنين؛ استصحاباً للأصل الوثيق، وهو ثبوت حكم الإباحة في الأشياء ما لم يرد دليل المنع والتحريم. ومما يعضد القول بالجواز أن الله تعالى قد أقرَّ بعض أنبيائه الذين سألوه في دعائهم أن يهب لهم ذكورًا من الولد، فمن دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ما ذكره الله عنه في قوله: ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) (الصافات:100)، وكذلك نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام، حيث قال الله تعالى عنه: ( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) (آل عمران:38) . وبالنظر إلى الوسائل المستعملة في تحديد جنس الجنين يمكن تصنيفها إلى قسمين في الجملة: وسائل عامة غير طبية، ووسائل طبية. القسم الأول: الوسائل العامة غير الطبية، وهي التي لا تستدعي تدخلاً طبيًا، كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة، وما أشبه ذلك، فهذه الوسائل لا تعدو كونها أسبابًا مباحةً لا محظور فيها لإدراك مقصد جائز مباح. وأما التوقيت استنادًا لدورة القمر، وكذلك استعمال الجدول الصيني، والطرق الحسابية، فهذة الوسائل لا تجوز؛ إذ هي في الحقيقة ضرب من التخمين المرتبط بالتنجيم، وادعاء علم الغيب. القسم الثاني: الطرق الطبية، فهي على اختلافها تجتمع في كونها تسعى إلى تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية الحاملة للجنس المرغوب فيه، وهذه الوسائل لا حرج فيها عند الحاجة، مع التأكيد على ضرورة الأخذ بالضوابط التي تمنع من وقوع مفاسد حذر منها المهتمون بهذه المسألة على اختلاف أديانهم وبلدانهم، ويمكن إجمال هذه الضوابط في النقاط الآتية: 1. ألا تكون عملية تحديد جنس الجنين سياسة عامة؛ لئلا تفضي إلى اختلال في التوازن الطبيعي في نسب الخلق. 2. أن يقتصر استعمالها على الحاجة. 3. أن يكون تحديد جنس الجنين بتراضي الوالدين. 4. التأكد تمام التأكد من عدم اختلاط المياه المفضي إلى اختلاط الأنساب. 5. المحافظة على ستر العورات من الهتك، وذلك من خلال قصر الكشف على موضع الحاجة قدرًا وزمانًا. 6. اعتقاد أن هذه الوسائل ما هي إلا أسباب لإدراك المطلوب، وأن الدعاء آكدها وأعظم تأثيرًا، والله أعلم بالصواب.