استنكر عدد من النواب البحرينيين قيام ست جمعيات سياسية معارضة وهي "الوفاق، وعد، أمل، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الإخاء" بتخطي مجلس النواب وقيامها بتسليم عريضة مناهضة للتجنيس للديوان الملكي البحريني نظرا لمخالفة هذه العريضة للدستور البحريني. واعتبر هؤلاء النواب أن هذا الفعل يعتبر خطيرا وفاشلا وخصوصا انه تجاوز خطوات التشاور مع السلطة التشريعية باجراءات غير دستورية المراد منه إحداث فرقعات اعلامية لتضييع الوقت وزيادة الاحتقانات في الشارع البحريني والعداوات بين أبناء الشعب الواحد. وكان الديوان الملكي قد رفض تسلم عريضة مناهضة التجنيس باعتبار أن الإجراء غير دستوري، رافضاً في ذات الوقت تهميش دور المجلس النيابي المنتخب الذي يمثل جميع المواطنين. وقال النائب جاسم السعيدي في هذا الشأن "إنه لمن السخرية أن من شارك في توقيع هذه العريضة هم مجنسوا الأمس واليوم هم يرفعون هذه العريضة لمنع التجنيس متناسين أصولهم ومتناسين أنه ما زال لهم أشقاء وأقرباء في دولتهم الأم"، مضيفا: "لدينا أوراق ثبوتية تثبت كيفية تجنيس هؤلاء وحول وجود مخالفة صريحة في تجنيس بعضهم وسوف نظهرها في الوقت المناسب وهي ورقة رابحة ستستخدم متى ما رأينا ذلك مناسبا، وأنني أدعو هؤلاء الموقعين على هذه العريضة أن يرجعوا إلى أجندتهم في بداية هذا العقد ليعلموا كيف استماتوا للمطالبة بتجنيس أبناء جلدتهم وأبناء طائفتهم وهاهم اليوم بعدما تمكنوا من مبتغاهم أصبحوا يحاربوا التجنيس انطلاقا من منظور طائفي فئوي بحت لا كما يدعون بأنهم يريدون مصلحة البلاد والعباد فمصلحة البلاد والعباد لا يمكن أن تكون عبر الأكاذيب والتدليس على الشارع وترويج الخرافات التي تروج والتي تسيء بشكل مباشر للمشروع الإصلاحي وصاحبه ، علما بأن عمليات التجنيس الحالية هي عمليات منظمة وتتم وفق الشروط الدستورية والقانونية للمستوفين لمنح المستحقين لهذا الشرف الغالي ولن نبخل جهدا في المطالبة بتجنيس المستحقين لهذا الشرف وفق الشروط التي حددها الدستور والقانون . ومن جانبه، أيد النائب عبدالله الدوسري موقف الديوان الملكي من رفضه لتسلم العريضة، منوهاً بأن رفض الديوان جاء معززاً ومؤكداً لدور السلطة التشريعية المنتخبة من قبل الشعب. وأضاف ''نشيد بموقف الديوان ونباركه لأننا كممثلين للسلطة التشريعية نرفض أن يقفز أحد علينا أو يتجاوزنا فيما يتعلق بدورنا وواجبنا، بل إن موقف الديوان الملكي يعكس النهج الديمقراطي الذي تعيشه البحرين وأجواء الانفتاح السياسي، وذلك لكونه جاء ليؤكد على دور السلطة التشريعية فضلاً عن تأكيده لعدم إمكانية مخالفة أي جهة للدستور الذي يعتبر المرجعية الأولى لكافة الجهات والمؤسسات والمواطنين''. من جانبه، قال النائب إبراهيم الحادي: ''موضوع العرائض ورفعها للديوان الملكي يجب أن ينظر له من عدة زوايا، الزاوية الأولى أن البلد أصبح بلد مؤسسات والمؤسسة المعنية بملاحظات الشعب واعتراضاته وإضافاته على سياسات الحكومة يجب أن تكون عبر مجلس النواب المنتخب''، وتابع ''في مجلس النواب يجري البحث والتحري ووضع النقاط على الحروف ومن ثم التوافق على ما يهم الوطن من جميع الزوايا والرؤى ما يكون ذلك صوغه كمقترح بقانون أو اقتراح برغبة من الأدوات التشريعية المتاحة للتعديل''. وأضاف ''الزوايا الأخرى هي إذا صدر هذا الأمر من ناس لا يفقهون في الأمور السياسية فربما نلتمس لهم العذر بجهلهم لاستخدام هذا التعبير لطلب ما يريدون، أما أن تجتمع شخصيات وجمعيات لها وزنها القانوني والحقوقي وتبعث بعريضة يعتبر شيئاً غريباً وجديداً، وإن صدر من أُناس ينتمون للمؤسسة التشريعية فهذا طعن في المؤسسة التي ينتسبون إليها وكان الأحرى أن يتم ذلك عبر مجلس النواب الذين هم أعضاء فيه، وعموماً يبقى الحراك دليل نضج التجربة والإنسان يتعلم من أخطائه''. وفي هذا السياق قال النائب عيسى أبو الفتح أن القانون واضح ومهمات المؤسسات المنتخبة واضحة''، متابعاً ''كان الأجدر بهؤلاء عدم تجاوز المؤسسات المنتخبة وهذا هو الطريق الصحيح أما استخدام أدوات تتعارض مع الدستور هي طرق غير صحيحة''. وقال أبو الفتح ''المجلس النيابي انتخب من أجل النظر في قضايا الناس وإيجاد الحلول لها، أما محاولات جهات لتجاوز مجلس النواب نعتبره تصرفاً خاطئاً، فكان الأولى إنشاء علاقة مع المجلس النيابي من أجل التواصل مع القيادة السياسية كما نصت عليه اللائحة الداخلية والدستور''. وذكر النائب ناصر الفضالة أن ''قضية العريضة كان يفترض أنها عريضة وطنية تمتد قوتها من قوة الموقعين عليها وقوة صلاحياتهم في تمثيل مختلف قطاعات الشعب وعلى رأسهم النواب المنتخبون''، وقال:''إن هذه العريضة لم تعرض على نواب المجلس منفردين بمختلف انتماءاتهم كما إنها لم تعرض على الكتل النيابية التي يمثلها مجلس النواب''، وتابع ''لا أعلم السر الخفي خلف تجاهل السلطة التشريعية في البلاد والمنتخبة في أن تبدي رأيها في هذا الموضوع الذي يطرحه أصحابه على أساس أنه من أخطر الملفات في البلاد، فالملفات الخطيرة يجب أن يشارك فيها ممثلو الشعب قبل غيرهم وأن لا تعرض على فئات وأشخاص دون غيرهم فهذا السلوك سيعطي انطباعاً يمثل فئة أو توجهاً دون آخر ولا أعتقد مثل هذا المشروع أن يطرح من وجهة نظر أحادية بمعزل عن بقية القوى السياسية، خاصة وأن جلالة الملك أرسى هذه المسألة عندما وجه إلى ضرورة عرض كل مسائل الحوار الوطني وملفات الوطن الكبرى عن طريق السلطة التشريعية التي تمثل الشعب بمجمله''. ومن جهته، اعتبر النائب سامي البحيري رفع ''عريضة مناهضة التجنيس'' للديوان الملكي تهميشاً لدور مجلس النواب، وقال: ''لا توجد أدلة صحيحة حول التجنيس السياسي إنما كله كلام، والكلام ليس دليلاً، فمن حصل على شرف الجنسية البحرينية له حقوق وعليه واجبات كما نصت المادة 18 من الدستور، فلماذا نستمر في تصنيف الناس، المحك الأساسي هو الولاء لهذا البلد وقيادته وشعبه والحفاظ عليه وفداء البلد والعمل من أجل البلد، ويجب تجاوز هذا الموضوع كما تجاوزنا العديد من الملفات''. ونفى البحيري وجود أدلة على وجود تجنيس سياسي، وقال ''تصنيف الناس بالمجنسين يسيء لمواطنين حصلوا على شرف الجنسية البحرينية، وعلينا الاقتداء بالدول العريقة التي لا تفرق بين مواطنيها''. من جانبه، طالب النائب محمد خالد ''بمواصلة التجنيس بحسب القانون وعدم توقفه من أجل بعض الأصوات النشاز التي نسمعها من هنا وهناك، داعياً الموقعين على العريضة الاطلاع إلى نتائج ما توصلت إليه لجنة التحقيق البرلمانية للتجنيس والتي شكلت في الفصل التشريعي الأول''. وقال: ''في اعتقادي من قدموا العريضة يعلمون بهذه المادة ومخالفتها الدستورية ولكنها فرقعة إعلامية وهم يعلمون بأن حرق الوطن وقتل النفوس البريئة أشد خطورة وجرماً من التجنيس، والغريب في الأمر أن مثل هذه التحركات تأتي بتشجيع من بعض النواب الذين من المفترض أنهم يعلمون بأنها مخالفة دستورية وهم الذين يمتلكون الأدوات التشريعية والرقابية إذا أرادوا تغيير أي قانون يتعلق بالتجنيس في البحرين''. من جانبها أصرت الجمعيات الست في بيان "حصلت عناوين على نسخة منه" على رفضها تسلم الديوان الملكي للعريضة باعتبارها عريضة نخبوية وقع عليها مجموعة من الشخصيات الوطنية والاجتماعية المعروفة بصفتهم الشخصية، ومؤكدة بهذا البيان الذي أصدرته اليوم على تهميش دور المجلس النيابي مرة أخرى. يذكر أن وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قد أكد في سبتمبر الماضي أن شرف حمل الجنسية البحرينية يناله من يستحق هذا الشرف، وأن هذا الأمر خاضع للتقييم من قبل الوزارة وهذا يشمل إجراءات منح الجنسية وإصدار الجوازات، لافتا إلى أن هذا الأمر يحكمه وينظمه قانون الجنسية والذي يعد من القوانين التي تطلبت اشتراطات متشددة لمنح الجنسية البحرينية.