انتقد علماء دين مصريون بشدة فتوى أصدرتها جهة دينية رسمية أخيرا، باعتبار الرجل الذي يجامع زوجته وهو يفكر في أخرى زانيا. واستقبل المصريون باستغراب الفتوى الصادرة عن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر عبد الحميد الأطرش، فيما بادر عدد من الفقهاء بتفنيد عوارها. وتسهيلا على المواطنين، ولمواجهة ما سُمي فوضى الفتاوى على الفضائيات خصصت لجنة الفتوى في الأزهر خطا ساخنا لتلقي استفسارات المواطنين في القضايا الدينية، وهو الأمر الذي فتح الباب لطرح أسئلة لم تكن واردة في أوقات سابقة. واعتبر أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر الدكتور محمد رأفت عثمان في حديث ل (عناوين) السبت 15/8/2009، أن الفتوى قاصرة في أدلة ثبوتها، مشيرا إلى استنادها إلى رأي المالكية وهو يخالف رأي جمهور الفقهاء.
وقال عثمان إن الفتوى قامت بالقياس على مسألة عدم جواز أن يأخذ الإنسان كوب ماء ليشرب منه، فيتصور بين عينيه خمرا ثم يشرب بهذا التصور، وبذلك يكون في حكم شارب الخمر. وأكد عثمان أن هذا الرأي لا يوجد دليل عليه وإنما يتمشى فقط مع قواعد المالكية في مسألة سد الذرائع، واستطرد قائلا:"الأرجح في المسألة هو الإباحة استنادا إلى ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تتكلف أو تعمل"، مشيرا إلى وجود خمس مراتب لما يقع في النفس بقصد المعصية. وقال إن تخيل الزوج لامرأة أخرى ساعة الوقاع ليس بواحد من هذه الخمسة والتي جاءت، بحسب قوله، في الهاجس والخاطر وحديث النفس والهم والعزم، واستطرد قائلا: أما الثلاثة الأولى وإن كان الإنسان قادرا على دفعها غير أنها مرفوعة عنه بنص السنة النبوية، بينما الهم بالسيئة مع عدم فعلها يقضي بعدم كتابتها سيئة. وأوضح عثمان أن العزم وهو المرتبة الخامسة يؤاخذ به الإنسان حسبما رجح بعض العلماء، غير أن تفكير الزوج وتخيله امرأة أخرى وقت الاتصال الجنسي ليس واحدا من هذه الخمسة سالفة الذكر.. وتابع:"التخيل ليس فعل الزنى ولا مقدمة من مقدماته، فضلا عن العزم عليه". وأضاف:"لا يعني تصور الزوج صورة حسنة أثناء الجماع وهو متناس للوصف الذاتي أنه وقع في الزنى". أما الرئيس السابق للجنة الفتوى الشيخ جمال قطب، فأكد ل (عناوين) أن نشر هذه الفتاوى التافهة مثير للجدل ويؤثر سلبا في المجتمع المسلم. ورفض قطب التعليق على الفتوى، لافتا إلى أنه لا يوجد سبب واحد من شأنه انتشار فوضى الفتاوى التي تسيء لصورة الإسلام. من جانبه، أوضح الخبير النفسي الدكتور مصطفى عكر أن الإنسان لا يستطيع التحكم في خيالاته وهو في الوقت ذاته غير مسؤول عنها. وأشار إلى أن هذه الخيالات ما هي إلا تراكمات لدى الإنسان ولن يستطيع مقاومتها إلا إذا تخلص مما يستدعيها من أسباب. وتابع عكر: هناك أنواع من الخيالات منها المرضي واللا إرادي وفي الحالتين الشخص غير مسؤول. أما النوع الثالث من الخيال، والذي ينطبق على حالة الرجل الذي يستدعي صورة امرأة غريبة بشكل إرادي تربطه بها علاقة حب أثناء معاشرته لزوجته، فهو يشكل نوعا من الخيانة".