رد فقيهان على فتوى عالم أزهري أجاز فيها تناول «البيرة» المصنوعة من الشعير و«الخمر» المصنوع من التمر، وكذلك النبيذ المصنوع من غير العنب، مؤكدا أنه ليس حراما طالما أنه لم يسبب السكر أو يذهب بعقل شاربه. وقال عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع أن أي مشروب احتوى على كحول فهو حرام، مشددا على أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، مبينا أنه حتى ولو لم يذهب عقل شاربه فهو حرام. وأضاف المنيع «لا نريد الدخول في ردود مع العلماء فهم زملاؤنا وإخوتنا لكن ندعو الله لهم بالهداية والبعد عن الفتاوى الشاذة التي لا فائدة منها». واتفق رأي المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن العبيكان مع رأي المنيع بأن أي مشروب يحوي الكحول محرم شرعا مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيره فقليله حرام»، مؤكدا أن كل مسكر خمر. وأبان العبيكان أن النصوص الشرعية الواردة جمعت جميع أنواع الخمور ولم تستثن أي نوع وهو الراجح من أقوال العلماء، مشددا على أن جميع النصوص الصحيحة حرمت شرب جميع أنواع الخمور وعممت ذلك، مشيرا إلى أنه لا يجوز تخصيص نوع دون نوع من هذه الأشربة المسكرة، مطالبا العلماء بضرورة التحري وعدم إطلاق الفتاوى المخالفة لإجماع علماء الأمة. وكان أستاذ الفقه في جامعة الأزهر الدكتور سعد الدين الهلالي قد أفتى بأن «تناول القليل من (البيرة المصنوعة من الشعير، والخمر المصنوع من التمر، والنبيذ من غير العنب) الذي لا يسكر فهو حلال، طالما أنه لا يسبب حالة من السكر، وذهاب أو غياب العقل، أما الكثير الذي يسكر فهو حرام». ودافع الهلالي، خلال حواره مع عمرو أديب ببرنامج «القاهرة اليوم»على قناة «أوربت» الأسبوع الماضي عن فتواه بشدة. وقال «إن ما نقوله في هذا الصدد هو رأي الإمام أبي حنيفة، ومدون في كتبه منذ قرون». وأضاف: «لكن مشكلتنا تكمن في عدم القراءة، فالخمر الذي أخذ من عصير العنب حرام إذا كان شربه يؤدي إلى السكر، أما الخمر الذي يستخرج من التمر ويشرب ما دام أنه لم يسكر ليس حراما، مشيرا إلى أن أي نوع خمر لا يسكر ليس حراما». وحول الانتقادات التي قد يتعرض لها نتيجة هذا الرأي، أكد الهلالي أن كل ما قاله إنما هو كلام موجود في كتب الإمام أبي حنيفة، وهي كتب ومناهج يدرسها طلاب الأزهر الشريف، مستشهدا بقوله «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وأبو حنيفة من أهل الذكر. وقال الهلالي «إن مذهب الإمام أبي حنيفة سيذهب إليه من هم يحبون شرب الخمر» وهنا قاطعه الإعلامي عمرو أديب، قائلا: «طب الرجل الذي لديه خمارة .. يبيع؟»، فرد عليه د. سعد الدين الهلالي: «فليبع، أما الذي يشرب الخمر، فإذا شرب ولم يسكر فليس عليه أية مشكلة، طالما أن الكمية التي يشربها المسكر لم تغيب عقله، ولم تجعله سكران»، لافتا إلى أن «أبا حنيفة يعد من أهل الذكر، فضلا عن وضع تقسيم وتفصيل في كتبه لتعاطي الخمور وشرب النبيذ». يشار إلى أن أغلب الفقهاء والعلماء يجمعون على حرمة شرب الخمور باعتباره من أكبر الذنوب وأعظم المعاصي، مستندين إلى كثرة نصوص الوحي الواردة في ذمه وتحريمه، حيث لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرا، فقال: «لعن الله الخمر، ولعن شاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها». وقال صلى الله عليه وسلم كذلك: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة».. وقال كذلك: «من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال؛ أي صديد أهل النار».