أوصت دراسة حديثة بضرورة دعم الدولة مشاريع عقارية حكومية أو خاصة لتسهيل شراء مساكن للمواطنين بالتقسيط ودون فوائد، عوضا عن المنازل المؤجرة التي تقطنها نسبة كبيرة من السعوديين، ولاسيما مع ارتفاع الأسعار غير المبررة في الآونة الأخيرة. وشددت الدراسة على ضرورة تحسين مستوى الأماكن السياحية داخل السعودية والحد من أسعارها غير المنطقية في كثيرمن الأحيان، التي تعد عامل طرد للسائح الراغب في الاستماع بالسياحة الداخلية، وخاصة فى ظل الأوبئة التى اجتاحت العالم حيث أصبح من الضرورة قضاء الإجازه السنوية داخل البلاد.
وأسفرت الدراسة الاجتماعية التي أجراها كل من الباحثين الاجتماعيين طلال الناشري رئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة، والإخصائية الاجتماعية آمال السايس في المستشفى ذاته، حول أنماط الاستهلاك في الأسرة السعودية، عن أن استهلاك المواد الغذائية والمنزلية يستقطع جزءا كبيرا من ميزانية الأسرة السعودية بنسبة تقدر ب 40% من الدخل، في حين يستهلك السفر الى الخارج 10-30% من ميزانية الأسرة، فيما أكد 36.6% من الافراد أنهم قاموا بالاقتراض من البنوك.
ودفعت الحملات الدعائية الضخمة للبنوك نسبة عالية من أفراد المجتمع إلى الحصول على قروض بنكية ليسوا في حاجة ماسة إليها.وأوضح 40.5% منهم أن تسديد القروض يستهلك 20% من دخلهم السنوي، أما نسبة 33.3% فكانت تستهلك القروض 30% من دخلهم، فيما أجمع 75.2% على أنها أصبحت سمة عصرية ولا يمكن الاستغناء عنها.
في الوقت الذي تنحصر فيه مصادر دخل معظم أفراد فئة الدراسة ومعظمهم موظفون وأرباب أسر على الأجر الشهري الذي يشكل لهم مصدرا رئيسا، ويعود سبب ذلك إلى عزوف كثيرين عن العمل الخاص بسبب منع الموظفين الحكوميين من العمل الخاص، وإلى تعرض الأعمال الخاصة للكساد في هذه الفترة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.
ويرى 76.9% أن الغلاء وعدم الاكتفاء بالراتب أدى إلى الاقتراض من البنوك أما نسبة 23.1% فأكدت أن الاستهلاك التفاخري والترفيهي والوجاهة الاجتماعية أدت إلى الاقتراض البنكي والوقوع تحت براثينه.
وتوصلت الدراسة إلى أن شراء المواد الغذائية يستهلك ما يوازي 40 % من ميزانية الأسرة ، الأمر الذي يوضح أن بند المستلزمات المنزلية والمواد الغذائية يستهلك بنداً كبيراً من الدخل، فيما جاء ما نسبته 35.6 % من الأسر يستهلك 30% من الدخل ، بينما أجابت نسبة كبيرة من عينة الدراسة أنها لا تستطيع تخفيض هذا الاستهلاك، وكانت النسبه نحو 65.3%، وأعادت ذلك إلى أسباب منها الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية .
وأرجعت نسبة 87.7% منهم ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير مما أصبح يشكل عبئا على ميزانية الأسرة، فيما أرجع آخرون بنسبة 3.12% إلى الإغراءات العديده التى تقدمها الأسواق التجارية والسوبر ماركت من عروض وتخفيضات.
وأشارت الدراسة إلى عدم تقيد أغلب السعوديين بقوائم مشترياتهم، رغم إعدادهم المسبق لها حيث يشكل ذلك مؤشرا غير إيجابي، ويعد إعداد قائمة للمشتريات قبل التسوق في السوبر ماركت، والالتزام بما جاء فيها من أكثر الأمور التى تحد من الإهدار وشراء منتجات غذائية أو منزلية لا تحتاج إليها الأسرة ، حيث بلغ حجم الأفراد الذين يقومون بإعداد قائمة 54.5 %، في مقابل نسبة 45.5 % ممن لا يهتمون بذلك، حيث أشارت الدراسة إلى ضرورة عمل برامج تلفازية توعوية للحث على الحد من شراء المستلزمات المنزلية وتكديسها دون الحاجة اليها، فهي تستهلك جزءا كبيرا من الميزانية الشهرية وتعد من الاستهلاك الهدري .
ويعد السفر إلى خارج البلاد من أكبر بنود الصرف التى تؤدي إلى عدم تمكن الأسرة من ادخار أي فوائض مالية تعود للطوارئ وغيرها .ويدفعها أحياناً للاقتراض من البنوك والالتزام بدفع الأقساط طوال العام وحرمانها من الاستمتاع بسبب ضغط الالتزامات المالية وقد تؤدي إلى مشكلات زواجية عديدة بسبب المشكلات الإقتصادية بين الزوجين والديون المتركمة الواجب سدادها.
وأفاد معظم أفراد العينة بأنهم يسافرون سنوياً بنسبة 71.4%، أما 8.6% فكانت مرتين سنوياً، أما 8.6% فكانت ثلاث مرات سنوياً و11.4% أكثر من ثلاث مرات سنوياً.
نسبة الصرف على الرحلات الخارجية سنوياً
أكد أفراد بنسبة توازي 34.9% أنهم يستهلكون 10% من دخلهم السنوي، أما 34.9% فيستهلكون 20%، و ما نسبتهم 20.9% فيستهلكون 30 % من الدخل.
ومع ارتفاع الإيجارات العقارية في الآونة الأخيرة ارتفاعاً حاداً تزامناً مع الارتفاعات المتوالية في أسعار مواد البناء والأغذية، أكد عدد من الأسر أن الإيجارات غدت تستهلك ما يوازي 30% من الدخل، ما يعني أن النسبة قد لا تتوافق مع ارتفاع الدخل وانخفاضه، حيث أصبح ارتفاع أسعار الإيجارات العقارية أحد الأعباء على الأسرة السعودية.
وفيما أشارت الدراسة الى أن زيادة مرات تردد الأسرة على السوبر ماركت بشكل يومي أو أسبوعي تزيد من الاتجاه الى الاستهلاك الهدري وشراء مستلزمات غير ضرورية..أكدت أن نسبة تردد اكثر من 62% من الأسر على المطاعم، تشير الى تزايد اتجاه ارتياد الأسر المطاعم والوجبات السريعة الذي ظهر في المجتمع السعودي في الآونة الاخيرة، مما أدى إلى زيادة نسبة السمنة في المجتمع، والأمراض المصاحبة لزيادة الوزن من ارتفاع في ضغط الدم والسكر والعقم عند الرجال والنساء وأمراض القلب .
وكانت نسبة الذين يتناولون وجبات سريعة كبيرة وكذلك عدد مرات الأكل خارج المنزل في الشهر بلغ ما نسبته 27.9%، ويعد بند الوجبات السريعة من المصروفات التي لافائدة من ورائها، بينما تكلف هذه الوجبات من الميزانية الشهر ما يبلغ 10% من الدخل الشهري لنسبة 70 % من الأفراد، وتراوح باقي العينة مابين 20 % و 30 % من الدخل الشهري، فعلى الأسره تقنين مرات الأكل خارج المنزل لأسباب اقتصادية وصحية، كما يجب القيام بعمل برامج تلفازية توعوية صحية لشرح مضار هذه الأغذية على الصحة.
ونظراً لأن العمالة المنزلية تستهلك جزءا كبيرا من الدخل الشهري، وتعد أحد الأسباب الرئيسة المؤدية إلى زيادة الاستهلاك الهدري في الأسره السعودية حيث تراوح نسبة الإنفاق على العمالة المنزلية بين 10-30% من الدخل الشهري للأسرة، بينما ترجع أسباب استخدام أكثر من عاملة منزلية إلى عمل الزوجة كموظفة وعدم قدرتها على القيام بالأعمال المنزلية، وتمثل 33.3% من الأسر أو لكثرة الاعباء المنزلية، أو الوجاهة الاجتماعية دون وجود حاجة ضرورية إلى ذلك.
يبدو واضحاً أن الهواتف النقالة أصبحت من المستلزمات الضرورية في الأسره السعودية أطفالاً وراشدين فلم تعد تكتفي بهاتف واحد وإنما عديد منها. وتستهلك الهواتف النقالة ما يوازي 10% لنسبة كبيرة من العينة توازي 56.4%، وتصل الى 40% من الدخل الشهري للبعض، حيث أوصت الدراسة بتنظيم حملات توعوية للحث على تخفيض استخدام الهواتف النقالة وخاصة للأطفال لضررها بالصحة، وخاصة مع طول مدة المكالمة التي قد تؤثر في السمع وفي الأعصاب السمعية.
وأكدت نسبة كبيرة من الأفراد أن الهواتف النقالة ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، بما يوازي 64.4%، فيما اعتبرها آخرون نوعا من الوجاهة الاجتماعية، أو سوء استخدام والتحدث في أحاديث غير مجدية، ولاسيما عند استخدام الأطفال لها ون رقابة أسرية.
من جهته، أكد الباحث الاجتماعي الناشري أن الدراسة الأخيرة رصدت ظواهر اجتماعية متزايدة أدت الى دخول كثير من الأسر في أزمات مالية، مع ارتفاع حجم القروض البنكية والإنفاق الاستهلاكي، إضافة إلى ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على العالم، وارتفاع الأسعار الحاد في السلع الغذائية والتذبذب في سوق الأسهم السعودي.