تنتهي بطولة الأمم الأوروبية بالنسبة لأسبانيا وإيطاليا كما بدأت ، بمواجهة بين الفريقين. لكن بين العاشر من حزيران/يونيو في جدانسك والأول من تموز/يوليو في كييف يبدو الفارق كبيرا ، لأن الأمر الآن يتعلق بالحصول على بطولة الأمم الأوروبية ، بمباراة تعني كل شيء أو لاشيء. في تلك الأيام ال21 قطعت إيطاليا مشوارا كبيرا أمام المدافعة عن اللقب: بينما وصل الأسبان إلى النهائي في ظل شكوك ودون تقديم أفضل مستوياتهم. لذلك فجر أمس ، وبينما كان الألمان يسيرون مثل العرائس الآلية داخل الاستاد الوطني في وارسو ، كانت الأمور بالنسبة لإيطاليا مختلفة. فرغم وجهها الودود الجديد ، لا تزال إيطاليا "القديمة" تعشش في قلوب الفريق المحدث الذي يبنيه تشيزاري برانديللي. إنها إيطاليا التي تبدو ألمانيا ألعوبة في يدها كلما تواجهتها في بطولة كبيرة. فإلى جانب التعثرات الشهيرة في مونديال البرازيل 1970 وأسبانيا 1982 وألمانيا 2006 ، يضيف الألمان أيضا بولندا وأوكرانيا 2012 ، في مباراة غريبة لم يصمد فيها انضباط وتنظيم وقناعات الماكينات أكثر من 20 دقيقة قبل أن تنهار أمام فريق بات يعرف عبر التاريخ كيف يروضها. إنها إيطاليا التي تلبس بأناقة وتبتسم دوما ، التي تتحكم في تصريحاتها بنفس الإيقاع الذي تتحكم به في المباريات. لذا لم يكن من المستغرب أن يمنح ممثلوها بعد الفوز 2/1 على ألمانيا بثوان كل الترشيح لأسبانيا حاملة اللقب في لقاء النهائي. وابتسم الحارس العملاق جيانلويجي بوفون وهو يقول بلطفه المعتاد :"اذكر لي فريقا يكون مرشحا أمام أسبانيا.. لا يوجد". أما برانديللي فقال :"إنهم المرشحون ، فهم فريق مبهر"، مطالبا في الوقت نفسه بعدم مواصلة الحديث كثيرا عن أسبانيا. كان يريد الاستمتاع بفوز وارسو ، تلك المباراة التي أوجزتها صحيفة "جازيتا ديللو سبورت" بعد ثوان من نهايتها بعنوان: "فخر إيطاليا". إيطاليا الجديدة "البرانديللية" تحمل في عروقها نفس الطموح التنافسي الذي ميزها عبر تاريخها. وهي مدينة لبطولة الأمم الأوروبية لأن لقبا وحيدا عام 1968 فضلا عن وصافة عام 2000 ، يبدو رصيدا هزيلا لبلد توج بطلا للعالم أربع مرات. وأضاف بوفون أن نهائي كييف "صعب للغاية"، لأن "أسبانيا بالتأكيد هي الفريق الأقوى على الإطلاق". واختتم الحارس تصريحه بابتسامة أوسع :"لكننا نود أن نقدم الأفضل. نبدأ بنتيجة التعادل السلبي وذلك يمنحنا إمكانية انتظار شيء. كان من المتوقع أن تكون أسبانيا في النهائي ، ما فعلناه نحن كان أصعب". لكن ابتسامته كانت خادعة ، فقد أظهر فيها أسنانه التي يمكنه التهام المنافسين بها. فإيطاليا تصل كييف مدعومة بأفضل مباراة لعبتها في البطولة ، حتى أن 2/1 تبدو نتيجة خادعة ، فقد كان من الممكن أن يصبح الفوز أكبر بكثير. ورد بوفون أمام الألمان في كل لحظة طلب منه فيها ذلك ، ومن الدفاع حيث بدأ جورجو كيلليني لعبة الهدف الأول ، وحتى المهاجم ماريو بالوتيللي الذي التهم ألمانيا في 16 دقيقة ، عملت كل خطوط "الأزوري" بفعالية. ولا يزال أندريا بيرلو هو محور خط الوسط ، لكن في ليلة الخميس لمع أيضا نجم ريكاردو مونتوليفو ليمنح تمريرة رائعة من مسافة 40 مترا لبالوتيللي الذي أحرز الهدف الثاني ومنح منتخب "المانشافت" الضربة القاضية. وما الذي يمكن أن يقال عن أنطونيو كاسانو ، الذي أحبط من الجانب الأيسر كل الدفاع الألماني بداية من الظهير جيروم بواتينج وصولا إلى الثنائي الذي للمرة الأولى لم يكن متفاهما والمكون من ماتس هوميلز وهولجر بادشتوبر. وبدا أن هوميلز كان محقا عندما رفض قبلها بأيام مقارنته بالقيصر فرانز بيكنباور. وإذا ما نشط كاسانو وبالوتيللي ، ستعاني أسبانيا من مشكلة حقيقية. وأوضح برانديللي الذي استبدل مهاجمه الأسمر في الدقيقة 70 بسبب إصابته بتقلص: "كافح ماريو وركض ، كنا نعرف أنه يمكنه أن يصبح أحد لاعبينا الرئيسيين... يمكنه أن يلعب 50 دقيقة فقط ، لكنها تكون 50 دقيقة رائعة". وأضاف :"إنني فخور بهؤلاء اللاعبين الشبان ، بهذا الفريق. إننا فريق يملك فكرة واضحة تماما عن كيفية لعب هذه الرياضة". الفكرة أيضا تملكها أسبانيا ، بطلة أوروبا 2008 والمونديال 2010 . فما أنقذ إيطاليا الخميس -الهجوم- هو ما أفشل أسبانيا الأربعاء. في المقابل ، لم تهتز شباك فريق المدرب فيسنتي دل بوسكي خلال ستة أعوام في مباريات الأدوار الفاصلة في البطولات الكبرى. نهائي غريب في كييف ، رغم أن في كرة القدم كل شيء قد يتغير في غضون لحظة: إيطاليا تصل ومعها شجاعة التألق في الربع الأخير من الملعب. وأسبانيا تعرف أنها يمكنها الوثوق في دفاعها.