ناقش المشاركون في ختام فعاليات منتدى التنافسية الدولي السادس 2012 في الرياض الثلاثاء 24 يناير، ضرورة العمل دائماً على ابتكار أفكار جديدة في عالم متغير باستمرار، متفقين على أن نجاح الشركات وريادتها مرتبط بالاستمرار في رعاية المواهب وتحفيز التفكير الابداعي لدى العاملين. وكانت الكلمة الرئيسية الختامية، لرئيس وزراء كوريا الجنوبية السابق أون شان شونج، وقد دعا فيها إلى ضرورة الانفتاح والثقة والمثابرة من أجل خلق مجتمع متعلم ومثقف قادر على بناء مستقبل مشرق. وقال: "يجب أن نكون أكثر انفتاحاً؛ لأن الانفتاح والمعرفة أساسيان في بناء ريادة الأعمال"، مضيفاً: "يجب على المجتمع أن يكون أكثر انفتاحاً وتقبلاً للأفكار؛ من أجل دفع الأفراد للعمل بعضهم مع بعض". كما شدد شونج على أهمية التعليم في تحقيق الانفتاح الحقيقي، آملاً أن تذلل العقبات أمام الشباب في كل من كوريا والمملكة للعمل بعضهم مع بعض وبناء المستقبل، ومن أجل دعم الدولتين للاقتصاد العالمي، وللترويج لريادة الأعمال. وكانت جلسات اليوم الثالث والأخير من المنتدى قد بدأت بمحاضرة ألقاها البروفيسور مايكل بورتر من كلية الأعمال في جامعة هارفارد، تحت عنوان "روح المبادرة والقدرة التنافسية: الآثار المترتبة على المملكة العربية السعودية"، وقد شدد فيها على أن المملكة العربية السعودية يجب أن تعمل جاهدة على تشجيع ريادة الأعمال والقدرة التنافسية. وأضاف بورتر: "لا يمكننا البدء في ريادة الأعمال إلا إذا كانت هناك قدرة على المنافسة، لكن المملكة العربية السعودية تخطت هذا الأمر، فنحن نحتاج إلى تعليم ودعم القدرة التنافسية لبناء الأعمال، نحتاج إلى قوانين لسهولة البدء في الأعمال، نحتاج إلى تمويل ورأسمال، نحتاج إلى المزيد من الحوافز". كما تضمنت فعاليات اليوم الأخير من المنتدى العديد من جلسات النقاش، وتناوب على الحديث الكثير من الخبراء العالميين؛ فقد شدد مايكل ماير مؤسس شركة إيرين، خلال جلسة عمل بعنوان "ريادة الأعمال... كيف استطاعت الشركات التكيف مع متطلبات العصر؟"، على أهمية تحديد الأهداف قبل الانطلاق في أي عمل، مع وضع معايير حقيقية قابلة للتطوير بشكل دائم، وإتاحة المجال أمام التفكير الإبداعي للموظفين بما يسهم في تطوير المنتجات والتناغم مع حاجات السوق المتغيرة باستمرار، مع توقع قدر من المخاطرة. وأشار ماير إلى أن الريادة يمكن أن تكون في مجالات معروفة لكن بطرق جديدة، ضارباً مثالاً على ذلك بستيف جوبز مؤسس شركة آبل الذي استطاع المنافسة والصعود على رغم وجود عملاق التقنية شركة مايكروسوفت، وذلك بفضل تفكيره بطريقة مختلفة. وأكد ماير أن السعودية بيئة ملائمة لنمو الأعمال والريادة في مجالات كثيرة، لكن على الشركات فيها الاهتمام بجانب الموهبة والإبداع. من جهته ركز مؤسس شركة عرب نت عمر كريستيدس، على أهمية تعزيز الجانب الجماعي في التفكير، بما يسهم في إيجاد مجالات عمل جديدة، مشدداً على أهمية تركيز المدير التنفيذي في أي شركة على صياغة استراتيجيات ناجحة ووضع منصات للتواصل مع الموظفين واكتشاف قدراتهم، مع المرونة في الهيكل التنظيمي للمؤسسة. أما العميد في كلية إدارة الأعمال في جامعة أكسفورد أندرو وايت، فقد أكد على ضرورة توفر الإرادة المهنية لدى مخططي السياسات في الشركات والابتعاد على الخلافات، وإفساح المجال أمام حرية التفكير والإبداع، واستشهد على التفكير بطريقة إبداعية بقصة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما أشار على وجهاء مكة المختلفين بأن يضعوا الحجر الأسود على قطعة قماش ويحملونه معاً إلى مكانه. واعتبر الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة هانوها الكيميائية كي جوون هونغ أن نمو الشركات الكبرى مرتبط بتشجيع الريادة وإتاحة الإمكانات لتسير في الاتجاه الصحيح، لافتاً إلى أن "الألماس يعد من أغلى الأحجار الكريمة، لكن لا بد من توفر إمكانات لصقله ليكون لامعاً ويباع بسعر عالٍ". وأضاف جوون هونغ أن الأفكار المبتكرة تواجه تحدياً لأن الشركات ليست معتادة على ذلك؛ وبالتالي تعتمد بعض الشركات على أفكار جاهزة من خلال حاضنات تدرس الجدوى الاقتصادية لتلك الأفكار وتساعد على تخفيف نسبة المخاطر المتوقعة، كما أكد ضرورة العمل دائماً على ابتكار أفكار جديدة في عالم متغير باستمرار. أما لفت كريس جيومان من مجموعة سيركو، فقد أشار إلى أن الشركات المبتدئة تواجه دائماً مخاطرة في بداية عملها، لكنها يجب ألا تقلق بل تسعى إلى التخطيط الجيد والتشارك في الأفكار وصولاً إلى طريقة عمل منتجة، داعياً إياها إلى اتباع سياسة المكافآت والتحفيز. وركزت مناقشات الجلسة الثانية للمنتدى على الابتكار الأخضر، وسط مطالبات بإنتاج طاقة من المواد الغذائية التي ليست لها فضلات باستخدام وسائل تقنية، لمواجهة التهديدات التي تواجه البيئة. وشدد المتحدثون في جلسة "الإبداع في المنتجات الصديقة للبيئة" على ضرورة الابتكار في مجال الطبيعة، حيث إن هذه المنتجات يمكن أن تكون عناصر جيدة للأعمال التجارية أيضاً، خصوصاً أن رواد الأعمال المهتمين بالبيئة يبدؤون نشاطهم باستراتيجية قائمة على الابتكار والحنكة التجارية، مشيرين في الوقت ذاته إلى ضرورة البحث عن مصادر غير مستقلة وانتاج منتجات جديدة صديقة للبيئة. ومن جهته قدم الساحر ماركو تيمبيست مجموعة من الخدع البصرية ركز فيها على أن التعاون هو جزء أساسي من العملية الإبداعية، وأن مقولة "التفكير خارج الحدود" يجب أن تشجع، مضيفاً: "لا يمكن لنا جميعاً أن نكون عباقرة، لكننا نستطيع البناء على الماضي، وأفضل طريقة لذلك هي التعاون"، مؤكداً أنه يمكن للتقنية أن تغير الكثير من الواقع حولنا كل يوم، وتخلل العرض الذي قدمه بعض الخدع البصرية التقنية وربطها بواقع تفاعلي بطريقة مبدعة. وشهد أيضاً المنتدى تكريم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد الفيصل، وكيل المحافظ لشؤون الاستثمار في الهيئة العامة للاستثمار، الفائزين في مبادرة الشباب الأكثر تنافسية خلال الدورة السادسة لمنتدى التنافسية الدولي، والتي ترعاها "مايكروسوفت" لفئة التقنية، "سيسكو" لفئة الابتكار، "إيدج أوف أريبيا" لفئة الإبداع، بإعلان عشرة فائزين عن كل فئة. وتسلط المبادرة الضوء على الطاقات السعودية الشبابية المُبدعة التي تُنبئ بالمستقبل الواعد والزاهر للمملكة التي تتطلع إلى بناء مجتمع معلوماتي ومعرفي والوصول إلى مصاف الدول المتطورة في شتى مجالات الحياة بحسب ما تصبو إليه حكومة المملكة الرشيدة، وهذا ما دفع الهيئة إلى التركيز على الاستثمار في الموارد البشرية عبر هذه المبادرة أو مبادرات أخرى؛ إذ تهدف المبادرة إلى تعزيز وتطوير مواهب وقدرات الشباب السعوديين من خلال خلق منافسة فريدة من نوعها على أسس عالمية لتشجيع روح الابتكار والإبداع والتنافس باستخدام التكنولوجيا من خلال اختبار مجموعة من المهارات. كما شهد المنتدى تكريم عدد من الشركات المشاركة في المبادرات التي ترعاها الهيئة، أبرزها مبادرة الشركات السعودية المئة الأسرع نمواً، كذلك شهد المنتدى إطلاق ست جهات حكومية مبادرة "قرية الريادة" التي تهدف إلى تسهيل الإجراءات الحكومية وحصرها في مكان واحد أمام رواد الأعمال السعوديين؛ مما يدعم التوجه نحو صناعة قطاع الأعمال الناشئة، وتبنت المبادرة كل من: وزارة العمل، وزارة التجارة، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، برنامج التوازن الاقتصادي، صندوق المئوية، والهيئة العامة للاستثمار. وكان منتدى التنافسية الدولي السادس قد انطلق نهار السبت الماضي، وشهدت جلساته مناقشة التطورات المتسارعة في مجال التنافسية.