رفض عددٌ من الدعاة في الكويت تصريحات منسوبة لحزب النور السلفي بمصر بشأن السماح للسياح بجلب الخمور معهم، واعتبروا ذلك دعوة إلى إفشاء المنكر في بلاد المسلمين. كما ردُّوا على دعوتهم بإمكانية الحوار مع إسرائيل؛ حيث أجازوا الصلح مع اليهود والمشركين بما يحقق الأمن للطرفين، وما يراه ولي أمر المسلمين، دون الموالاة المحرمة والمداهنة في الدين، وقد استطلعت صحيفة "الأنباء" الكويتية آراء العلماء والدعاة السلفيين في الكويت حول الرؤية الشرعية لهذه التصريحات. في البداية، أوضح رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت، الشيخ د. محمد النجدي، أن الله تعالى ذكر أحكام أهل الذمة والعهد في كتابه، وأمر بالإحسان لهم ما استقاموا للمسلمين ولم يؤذوا أحدًا، وحرم الله ظلمهم أو التعدي عليهم. وأضاف أن عليهم في المقابل الالتزام بأحكام الإسلام ظاهرًا، واحترام المسلمين ودينهم وشعائرهم، فيُمْنَعُون من المجاهرة بما حرم الله تعالى ورسوله من المحرمات والفواحش، كنكاح المحارم والزنا، كما يُمْنَعُون من إظهار الخمر ومن إظهار أكل لحم الخنزير، لأن ذلك عند المسلمين حرام. لكنه قال "أما لو شربوا الخمر في بيوتهم أو صنعوه في بيوتهم، ولم يبيعوه علنًا وإنما فيما بينهم، فإننا لا نمنعهم". وأما بخصوص الحوار مع إسرائيل أو غيرهم، فأشار النجدي إلى أنه لا يلزم منه مودتهم ولا موالاتهم، بل ذلك يقتضي الأمن والأمان بين الطرفين، وكف بعضهم عن إيذاء الآخر وغير ذلك، وحصول التعامل معهم كالبيع والشراء، وتبادل السفراء، وغير ذلك من المعاملات التي لا تقتضي مودة الكفرة ولا موالاتهم. من جهته، قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية الشيخ محمد العصيمي إنه لا يَخْفَى على أحد حرمة الخمور في حق المسلم، وأن شربها من كبائر الذنوب، وأما في حق غير المسلم، فبلا شك أن سيئة الكفر لا يقدم عليها غيرها من سائر المعاصي، فليس بعد الكفر ذنب. وأضاف أن ما وجد من معاصٍ مباحة في دين الكافر، فإنه لا يجوز له أن يجهر بها، كما لا يصرح له بها، لِمَا في ذلك من إظهار للمنكر وإبرازه وإشهاره، وفي المقابل فإن الكافر إذا استخفى بمعصيته كشرب الخمر في بيته فلا ينقب عليه ولا يتجسس عليه، ولا يعارض ذلك وجوب التضييق عليه ومنع بيع الخمور وشرائها واستيرادها، حتى لا يؤدي إلى إفشاء المنكر. وأضاف أنه إن صح عن «حزب النور» السماح باصطحاب السائح للخمور معه، فهذا أمر محرم لِمَا فيه من إظهار للمعصية وإفشائها، ولا يتنزل عليه الحكم السابق في الاستمرار بشربها. وأما ما يتعلق بالحوار مع اليهود، فأوضح العصيمي أن الأصل في التعاملات الدنيويَّة مع الكفار الإباحة، وخاصة فيما فيه مصلحة للمسلمين. أما الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ حاي الحاي، فقال إن الشريعة الإسلامية لا تبيح للنصراني أن يشرب الخمر، كما أن دين النصارى لا يبيح لهم شرب الخمور، ليس كما زعم حزب النور السلفي، وكذلك لا يبيح لهم دينهم بيع الخمور والتجارة بها. وأما الحوار مع اليهود، فهذا الذي يفصل فيه ولي المسلمين، خاصة وأن رأى في الحوار تحقيق مصالح ومنافع وتكميلها ودرء المفاسد والأضرار وتضييقها. أما رئيس قسم العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت د. بسام الشطي، فقال إن الحوارَ مشروعٌ مع أهل الكتاب، لافتًا إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حاور اليهود، وقد أسلم مجموعة منهم، كما أبرم المعاهدات مع بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع في المدينة، ولكنهم غدروا وخانوا، وكذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- التزم ببعض المعاهدات، ولكنهم أَخَلُوا بها فأجلاهم.