تواصلاً لما تناوله في مقاله السابق والذي أشار فيه فضيلة الشيخ حمد بن عبدالله خنين المستشار الشرعي وعضو الجمعية الفقهية السعودية إلى الأحكام والآداب التي يجب على المسلم تعلمها للسفر فإن فضيلته يتطرق اليوم إلى مخالفات يقع فيها المسافر ومن أهمها : الوحدة في السفر لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده) رواه البخاري. وقوله عليه الصلاة والسلام: (الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) رواه أبوداود والترمذي ، كما يطلب من المرأة حال السفر وجود المحرم لحمايتها والوقوف معها فيما تحتاجه فالمرأة ضعيفة لا تستطيع أن تعالج أمورها بنفسها إلا بمساعدة عائلها أو أحد محارمها ، وهذا دليل على حماية الاسلام لها وتكريمه إياها ، كما أنه منهي عن الاطالة في السفر بلا حاجة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل إلى أهله ) متفق عليه. كما أنه منهي عن السفر إلى بلاد الكفار بلا حاجة ومشاركة اليهود أو النصارى في أعيادهم واقتناء كتبهم ومآثرهم. كما ينبغي: عدم بدء الكافر بالسلام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام..) رواه مسلم. فإذا بدأ اليهودي أو النصراني بالسلام وجب الرد عليه بقولنا: وعليكم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم) متفق عليه. كما لا يجوز أكل ذبائح المشركين من المجوس والوثنيين والكفار من غير اليهود والنصارى كما ينهى عن زيارة الأماكن المحرمة شرعاً كالقبور والأضرحة التي تعبد من دون الله ، وكذا الكنائس والمعابد وأماكن من نزل بهم عذاب الله تعالى ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، لا يصيبنكم ما أصابهم) رواه البخاري ومسلم. كما ينهى عن الدخول لأماكن اللهو والمسارح والغناء والقمار وألعاب السيرك والتي يكثر فيها المعاصي والمنكرات. كما يحرم السفر للذهاب للسحرة والكهان والمنجمين وسؤالهم عن أمور الغيب والمستقبل، فإذا كان التحريم في الحل فكيف بالترحال لأولئك والعياذ بالله يقول تعالى: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) النمل : 65. كما يحرم الوقوع في الفواحش ومنها الزنا الذي قال الله عنه (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) الاسراء : 32. وكذلك شرب الخمر الذي لعن فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تسعة فقال: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه) رواه أبوداود. كما ينهى عن التشبه بالكفار سواء في العادات أو الأخلاق أو اللباس أو المظهر أو المخبر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود وقال أيضاً: (ليس منا من تشبه بغيرنا) رواه الترمذي. كما ينهى عن التبرج والسفور للنساء بقول الله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) الأحزاب :33. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما ، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها و أن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم. كما أن التهاون في أمر الصلاة سواء الترك أو التأخير عن وقتها بلا عذر أمر خطير على المسلم قال تعالى : (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) مريم : 59 وقال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه النسائي وابن ماجه. كما أن اهمال الأبناء والنساء وتركهم بلا رقيب ولا حسيب سواء كان في السفر أو الحضر أمر لا ينبغي على الولي يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (..والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ...) رواه البخاري ومسلم. وقد صدر في تلك المخالفات فتاوى شرعية وارشادات توضح أحكام السفر ودليل المسافر وأبرزها ما صدر عن الامامين الفاضلين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته ، نسأل الله أن ينفع بعلمهما انه جواد كريم ، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و على اله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.