حاول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جاهدا الاربعاء 9 فبراير 2011، تهدئة الجدل المتواصل حول اجازتي وزيرة الخارجية ورئيس الوزراء الفرنسيين في تونس ومصر وفرض على اعضاء حكومته الحد من اجازاتهم الى الخارج. وعشية اطلالة تلفزيونية منتظرة، طلب الرئيس الفرنسي من وزرائه "اعطاء الاولوية لفرنسا" من الان وصاعدا في اختيار وجهة اجازاتهم وان يعرضوا على رئيس الوزراء والاليزيه الدعوات التي يتلقونها الى الخارج. وقال ساركوزي خلال جلسة مجلس الوزراء ان "الدعوات الى الخارج سيجيزها رئيس الوزراء بالاتفاق مع الخلية الدبلوماسية لرئاسة الجمهورية للنظر في مدى توافقها مع السياسة الخارجية الفرنسية". وتابع في بيان نشرته الرئاسة الفرنسية ان سبل هذه الرحلات الى الخارج "ستنظر بها الامانة العامة للحكومة التي ستسمح بها او تمنعها". ومن جهته اعلن رئيس الوزراء فرنسوا فيون امام المجلس الوزاري ان القواعد المستقبلية لتجنب تضارب المصالح ستكون موضوع مشروع قانون سيقدم "في الاسابيع المقبلة". وهذا النص المستوحى من الخلاصات التي توصل اليها مؤخرا تقرير كلف باعداده نائب رئيس مجلس الدولة الفرنسي جان مارك سوفيه في اوج قضية فيرت-بيتانكور، سيفرض على الوزراء ومستشاريهم "اعلان مصالح" لاظهار "التضارب المحتمل مع المهام الممارسة"، بحسب المتحدث باسم الحكومة فرنسوا باروان. وعلى الرغم من عدم اتيانه على ذكر الموضوع بوضوح، فان الطلب الموجه من ساركوزي الى وزرائه هدف الى اخماد الجدل الحاد الذي اثارته الاجازات التي قضاها كل من فيون ووزيرة خارجيته ميشال اليو ماري. ومنذ اسابيع عدة، يطالب اليسار باستقالة وزيرة الخارجية المتهمة باستخدام طائرة عائدة لصديق معروف للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في خضم الثورة التي اطاحت بنظام هذا الرئيس الصديق لفرنسا. والمعلومات التي كشفتها اسبوعية "لو كانار انشينيه" عن تكفل نظام الرئيس المصري حسني مبارك بتكاليف اقامة فرنسوا فيون خلال الاجازة التي قضاها في الفترة نفسها في فترة عيد الميلاد الماضي، شكلت احراجا لساركوزي عشية مقابلة ضمن برنامج على قناة "تي اف 1" يهدف الى اعادة كسب ثقة الشعب تمهيدا للانتخابات الرئاسية عام 2012. وقال فيون ردا على اسئلة المعارضة في الجمعية الوطنية الاربعاء "انني احترمت كل القواعد المتعلقة بالتنقلات الخارجية لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، التي تلتزم بشروط امنية ودبلوماسية". ومنذ الثلاثاء، وجه اليسار انتقادات لاذعة للحكومة منتقدا "المشهد المحزن" لهذه القضية. والاربعاء، قال ساركوزي ان "المتطلبات المعاصرة في مجال الاخلاقيات العامة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الاخيرة" ويجب "فهم ذلك واستخلاص العبر". وكان الرئيس الفرنسي الذي تفاخر الاربعاء ايضا بانه اخضع نفقات الاليزيه لمراقبة محكمة الحسابات، وعد لدى انتخابه بقيام "جمهورية لا عيب فيها". لكن منذ مايو 2007، واجه ساركوزي مرات عديدة انتقادات تتعلق بالسلوك العام، خصوصا لدعمه ترشيح ابنه جان لترؤس مؤسسة تعنى بتطوير حي للاعمال غرب باريس عام 2009 قبل التراجع عن ذلك. وغالبا ما اطلق عليه اليسار تسمية "رئيس الاغنياء". وياتي موقف الاربعاء بعد مرور ثمانية اشهر فقط على موقف مماثل استدعى اتخاذه الجدل المثار حول الوزيرين الان جويانديه وكريستيان بلان اللذين ارغما على الاستقالة من الحكومة بسبب استخدامهما اموال الدولة لغايات خاصة. والاربعاء، اوضح فرنسوا باروان ان ساركوزي سيطبق على نفسه "الشفافية" التي طلبها من وزرائه.