افتتح النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود مساء الأحد 28 /3/2010 مؤتمر " الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف" الذي تنظمه الجامعة الإسلامية ويستمر لمدة ثلاثة أيام بمشاركة عدد من الباحثين من داخل وخارج المملكة . وقال الأمير نايف في كلمته التي ألقاها " لقد كانت المملكة العربية السعودية من منطلق واجبها الديني والأخلاقي سباقة في كشف مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري ومواجهته، كما كانت المملكة في مقدمة الدول المتضرر ة بفكر التطرف الذي وقع فيه بعض من ينتمون إليها، ومناهجها المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وهي المبادئ القائمة على الوسطية والاعتدال والرحمة والعدل وحفظ كرامة الإنسان وحماية حياته وحقوقه، إن اجتماعنا في هذا المؤتمر المهم ليس لبيان الفكر المنحرف وتوضيح مخاطره فذلك معلوم بتعاليم ديننا ومبادئه السمحة، ولكن المهم أيها الإخوة هو إعادة المنحرف ومنع المستقيم أن ينحرف وهي مهمة قد تكون ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة أمام عزائم الرجال الصادقين". وأضاف " إننا في هذا المؤتمر لنصل من خلال ما طرح من موضوعات ومحاور التطرف الفكري والإرهاب إلى رؤية عليمة تسهم بإذن الله تعالى وتوفيقه في نجاح جهود مواجهة التطرف وحماية الأمة منه شاكراً ومقدراً لمعالي مدير الجامعة الإسلامية، والقائمين على هذا المؤتمر، والمشاركين في أعمالهم جهودهم المخلصة في إنجاحه وبلوغ أهدافه. كما جرى حواراً مفتوحاً مع سمو الأمير نايف طرح فيه الحضور من القاعتين النسائية والرجالية بعض الأسئلة من ضمنها : س: ذكرتم عقب تدشينكم مشروع الخطة الإستراتيجية للرئاسة العامة لهيئة الأمر بأن الإرهاب لم ينته وأنه يتلون حسب الظروف وأنكم تعلمون من يحرك هؤلاء وأن لديهم قدرة كبيرة في التضليل فهلا تكرمتم يا صاحب السمو بتسليط الضوء على تغيرات هذا الفكر الضال وإظهار تغلغله في المجتمع السعودي والجهات التي تدعمه في الداخل والخارج؟ ج: لا أزال أتمسك بهذا القول وهذا يتحدث عنه الواقع، وأعتقد أن الإنسان يجب أن يحكم عقله في مثل هذه الأمور لا يمكن أبداً أن يكون مسلماً صادقاً عاقلاً يتوقع أن هذا أتى مصادفة من أناس جهلوا أو كرهوا ولكنه صنع وخطط له ونفذ لا أحد يجهل لا من فئات مسئولة في دول متعددة أين يقع الإرهاب ومن أين ينبع قد دعونا مراراً ولا نزال إذا لم تجفف منابعه فسيظل قائماً، إذاً لا بد أن يكون لهذه المنابع من يدعمها وهو من أوجدها وهذا أمر لا يشك فيه ولذلك علينا أن نتابع الأحداث وعلينا أن نحللها وعلينا أن نسعى لنتائج ترضي العقل وتحقق الواقع وهذا واجب المتابعين والمفكرين وأحب القول إن إخوانكم وأبناءكم رجال الأمن يعملون ليل نهار في هذا لا متابعة ولكن مهمتهم الأولى هي منع حدوث الأعمال الإرهابية وهذا ما تحقق ولله الحمد فيما يعلن لكم بين وقت وآخر وهناك أكثر من 200 حالة تم اكتشافها وليس الاكتشاف فقط بل القبض على من وراءها وهم الآن تحت يد العدالة. ثم أود أن أقول أن هذه الأمور لم تأت صدفة ولكنها بجهود مكثفة من رجال كانوا بمستوى المسئولية وبمستوى القدرة العلمية والمسؤولية ونعلم أنه في بداية الأحداث حدثت أحداث معلومة للجميع، وأقول من موقع المسئولية لا نزال نراجع هذا الإرهاب ولكننا مستعينين بالله سنعمل ليل نهار لمنع هذه الأعمال والكشف عنها والمساهمة مع الآخرين في منع حدوثها، ولا أزال عند قولي وستكشف الأيام حقائق هذه الأمور. س: مع الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتجفيف منابع الإرهاب في المملكة والضربات الاستباقية التي حمت البلاد والعباد من كثير من الشرور إلا أن هذا الشر لا يزال يتوافد علينا من الداخل والخارج وكانت المفاجأة أن دخلت المرأة إلى هذه الدائرة المظلمة ودائماً سموكم يؤكد على دور المواطن ما هي توجيهات سموكم للمرأة لحفظ الوطن وأهله الطيبين؟ ج: لا أحد ينكر دور المرأة في المجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة والبنت، وهي في كل منزل وهي الحامية لكل ما هو داخل بيتها، دور المرأة كبير فلتنظر إلى تصرف أبنائها وبناتها وأفكارهم ومتابعتهم وتكون عوناً للأب في إيصال الأبناء والبنات ليكونوا مطمأنين لهم في تصرفاتهم وأفكارهم وبهذا يكونوا سعداء وإما أن يكون العكس فيكون هناك توجهات لتلقي الأفكار الشاذة، إذن يأتي دور المرأة في إصلاح الأبناء فإن صلحوا فالحمد لله وإن لم يصلحوا فهناك دولة ترعى جميع الأبناء والبنات فليسلموهم للأيد الأمينة التي ستحاول إصلاحهم بعد توفيق الله لهم بالصلاح، ربات المنازل والأمهات والأخوات ليسهموا مع إخوانهم لدفع الأبناء للتمسك بدينهم. س :هو من البرامج الرائدة فهل هناك توجهات وآليات لتطويره وتوسيع نشاطه بالتعاون مع المؤسسات الأخرى وهل نتطلع إلى مركز وطني لدراسات المناصحه؟ ج: لا شك أن برنامج المناصحة قد أعطى نتائج طيبة وإيجابية ونحن مسرورون بذلك وكل ما يمكن أن يرقى بمستوى هذا العمل لا بد من تحقيقه، والحمد لله أن هذا حاز على إعجاب الجهات الأمنية، إننا ماضون في ذلك لتحقيق ما يهدف إليه هذا المؤتمر، إننا نريد أن نحمي شبابنا عن الانحراف في هذا المجال الذي لا يرضاه الله ولا رسوله ولا يرضاه كل مسلم مؤمن محب لدينه ثم لوطنه. عملنا ونعمل مع جامعتنا لشحذ قدرات الرجال القادرين في دراسات في هذا المجال، ووصلنا إلى استراتيجية الأمن الفكري في جامعة الملك سعود وقدمناها لوزراء الداخلية العرب كما أننا على وشك الأمن الفكري سينتهي قريباً وهذا عمل علمي يستطيع أن يستفيد منه الإخوة العاملين في المناصحة وفي مركز المناصحة، وأي دراسات علمية تقودنا إلى إنشاء مركز ثابت للمناصحة أو أي عمل آخر فنحن لا نتجه إلى المظاهر بل إلى العمل الميداني الفاعل، أيها الإخوة الأعزاء الحاضرون ولكل مواطن في هذا الوطن العزيز لم يأت هذا الاستقرار الذي نعيشه الآن والأمن المستتب في بلادنا والنشاط الاقتصادي والتنمية في كل مجال والاستثمار والحرية لكل من يريد أن يخرج أو يأتي من مواطنينا أو غيرهم من بلادنا فنحن والحمد لله الأفضل أمناً واستقراراً وهذا جاء بجهود مكثفة مدعومة وموجهة من سيدي خادم الحرمين الشريفين ومن سمو ولي عهده لرجال أخلصوا لله عز وجل وأخلصوا للأمة فنحمد الله على ذلك ونشكره عز وجل وندعو الجميع إلى زيادة إيمانهم بالله والعمل من قبل الجميع ولا أحد يتهاون بعمله وإن كان قليلاً فالقيل مع القليل كثير. س: هل هناك مشروع وطني تندرج عليه المعالجة الفكرية داخلياً وخارجياً ؟ ج: هذا ما عملنا عليه ونعمل عليه والأمن الفكري لا يقل أبدا عن الأمن العام بل قد يكون أهم لأن الفكري هو الأمر المحرك للإنسان ولا نستطيع أن نتجاهل المستحدثات في مجتمعنا ليس الوطني فقط وليس العربي فقط بل الإسلامي جميعاً من أفكار دخيلة على الإسلام، يجب علينا أن نفكر في هذا ونراجعها ونطلب ممن تأثروا بها أن يعيدوا التفكير والدراسة الذاتية حتى يعودوا إلى الصواب فكل شيء دخيل على الإسلام وليس له أصل يثبته من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو من التابعين لسلف الأمة وعلمائها في جميع تاريخ أمتنا فهو حتى الآن والحمد لله والتأكيد بأن عالمنا الإسلامي يزخر بقدرات علمية فعليهم أن يراجعوا الواقع وأن ينقوا الإسلام مما ليس منه ويصححوا أفكارهم ويتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه التي لا تشوبها شائبة وأن يتبعوا ما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: “تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك” فالإسلام ليس فيه أسرار ولا طقوس وهو واضح وله مرجعان لا ثالث لهما كتاب الله وسنة نبيه. س: يمثل الإعلام قوة تأثيرية بالغة يطلقون عليها بالآلة الإعلامية نسبة لما تحدثه من تأثير. في رأي سموكم ما الذي ينقص الإعلام السعودي ليكون آلة داعمة لوزارة الداخلية في مكافحة ؟ ج: مما لا شك فيه أن الإعلام مؤثر في كل المجتمع، ولا أحد يشك في تأثيره وقدرته ولكن ماذا سيحقق؟ لا شك أن دول العالم ومؤسساته ومجتمعاته تعلق أهمية على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وإذا نظرنا ما جد من تقنية خصوصاً الإنترنت الذي هو مفتوح بكل حرية ففيه الكثير من المفيد وفيه الأكثر من السيء، إذاً لا بد أن نواجه هذا الواقع بعلم ومعرفة وأقول لا بد لإعلامنا السعودي أن يتحرك بشكل أقوى وأضخم ليواجه هذا الواقع، ولكن بالتزام ومسؤولية، وبشكل ينفع من واقع الوطن، ويجب أن نعلم على ماذا يعتمد وما هو توجهاته في الحاضر والمستقبل وما كان عليه في الماضي، لا بد أن نلتزم بديننا القويم وألا نخالف نصاً شرعياً بأي شكل من الأشكال فإذا ضمنا هذا فمصلحة الوطن واضحة في إيصال الحقيقة الصادقة النافعة لكل متلقي، يجب أن نواجه الواقع ونحتاج إلى الأكثر والأكثر والأقدر في العمل الإعلامي مع الالتزام بمسؤولية للقارئ والمشاهد والمستمع هذا للأسف ينقصنا وكأننا فقط نركز على الاستفادة المادية في نشر بعض الأفكار والمجادلات التي لا نفع منها، حتى نجذب المعلنين عن بضائعهم وعن احتياجاتهم وهذا لا يجوز لنا كمسلمين أولاً ومؤمنين بالله ومتمسكين بكتابه وسنة نبيه ومصلحة الوطن، فليس من مصلحة ديننا ولا دنيانا أن نكون فقط نتلقف الأخطاء بدون أن نتحقق منها، ونرحب بالنقد لكن النقد البناء الموضوعي الذي يعتمد على حقائق .وإني أناشد كل من هو في مجال الإعلام أياً كان موقعه أن يتحمل مسؤولياته إن العصر عصر علم فإذا كان من يعمل في الطب أو غيره يستعين بصاحب الاختصاص فمن باب أولى أنه لا يكتب عن العقيدة إلا وقد استشار من هو أهل ومؤهل لهذا العلم وإما أن يتحدث بكل بساطة وهو لا يفقه من الأمر شيئاً فهذا لا يجوز، أقول للجميع فلنعمل لأن يكون إعلامنا بمستوى تطلعاتنا لأن نكون إن شاء الله من أفضل الأمم حاضراً ومستقبلاً وأن نتدبر ماضي امتنا وأعمالهم الكبيرة الصادقة الصالحة ونجعلها قدوة لنا مع استعمال كل وسائل التقنية الحديثة، لتحمل المسؤولية أمام الله عز وجل ثم أمام هذا الوطن وأبنائه جميعاً. وفي كلمة توجيهيه للطالبات قال سمو الأمير نايف " أنتن مسلمات مواطنات فعليكن أن تهتموا بذلك في مدارسكم وفي مجتمعكم وتناصحوا بعضكم بعضاً ومن تجدوها شاذة في ذلك فعليكم أن تبلغوا أولياء أمرها هذا إذا عجزتم عن إصلاحها أرجو لكم من الله التوفيق فأنتم جزء من هذا الوطن فأنتن نساء المستقبل ويعتمد عليكن بعد الله في تربية النشء" وفي القاعة النسائية رعت الحفل نائبة رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني الأميرة عادله بنت عبد الله بن عبد العزيز بحضور حرم أمير منطقة المدينة الأميرة نهى بنت عبد المحسن وعدد من الأميرات ، وأشارت الأميرة عادله في كلمة ألقتها بالحفل " إن الإرهاب ظاهرة مركبة ومعقدة وأسبابها كثيرة ومتداخلة وكلها تسهم في إنتاج العنف بنسب متفاوتة لذا لابد من شمولية دراستها للتعرف على كيفية الحد من مسبباتها والتعامل مع تداعياتها . وفي إطار بناء شخصية الإرهابي فإننا نعول كثيرا على دور الأسرة فمعظم الدارسات والأبحاث حول أطفال الشوارع نتاج العنف الأسري يتخوفون من كونهم نواة للإرهاب " وقالت " يأتي دور الأسرة كمؤسسة اجتماعية أولى مسئولة عن التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي وفق ثقافة الحوار والتسامح . وضمن مسئولية الأسرة وتحديدا مسئولية الأم فإنه لا يمكننا تجاهل دورها كمربية فهي التي تصنع ثقافة المنزل وتغذي الأطفال بالقيم والمبادئ وكذلك دورها كزوجة وابنة وأخت في تغذية الفكر الإرهابي أو منع زرع بذوره في عقول من حولها . الحقيقة أن بعض المؤسسات المعنية بحماية الأمن الفكري وتصحيح التوجه المتطرف قد تجاهلت دور المرأة في غرس قيم التسامح وقبول الآخر كمربية في المنزل أو معلمة في المدرسة والجامعة وهو دور لا ياستهان بأثره الإيجابي في الحد من انتشار الأفكار الإرهابية والتطرفية . لذا فأن تهميش دور المرأة في البرامج التأهيلية لأصحاب الفكر المتطرف , وعدم تأهيلها للتعامل مع الفكر المنحرف يشكل خطورة حقيقية على الأسرة إن المرأة نصف المجتمع ولها تأثير مباشر على التوجه الفكري فيه وبالتالي فإن توجيه التوعية للمرأة ومشاركتها في البرامج التحصينيه والتربوية ضرورة لا غنى عنها كونها تساهم في التأثير على الأسرة كمؤسسة رئيسية في نشر القيم وتأسيس الاتجاه الفكري للأبناء من هذا المنطلق فإن من مسئولة المؤسسات المعنية بالأمن الفكري عدم تجاهل دور المرأة الذي يشكل عنصرا محوريا في الحد من ظاهرة الإرهاب وممارسة العنف والغلو , الأمر الذي يجعل في بعض المنازل والمدارس والجامعات شباب وشابات يؤمنون بالعنف ويمارسونه ويتوجهون إلى التطرف والغلو لأنه بدليل لإحباطهم وغياب ثقافة الحوار والتسامح مع الآخر" . وقالت الأميرة عادله في تصريح ل "عناوين" أن ما رأيناه في منصف شهر مارس 2010 من مجهودات لرجال الأمن في القضاء على الخلايا الارهابيه يستدعي إقامة مؤتمرات فهناك واقع ملموس يجب أن لا يستهان به وأن نكون على أهبة الاستعداد وان نستبق الأمور ونؤمن ونحصن أنفسنا فكرياً قبل وقوع الحوادث الأمنية .