لم أكن أدري أن محطات الحياة واسعة وربما مؤلمة، وصفحات من ممراتها ضيقة، وأن متاهاتها أشد إيلاماً، وأن شعور الرضا الذي يثلج صدورنا عندما نتلقي بها الصفعات هو من الأمان الحقيقي، عندما تتوقف أمام تلك الشواهد الحاضرة والويلات التي تراها أمام عينيك، لم تكن مجرد عبرة طيف عابر، بل كانت تحديات أمام ثباتك ورضاك عن ربك، وهناك يتجلى قوتك الحقيقة، أمام صعاب الحياة ومحطاتها المؤلمة والسعيدة. عندما يجتاحك ذكرياتك وهواجسك إن كانت بالماضي البعيد أو الحاضر القريب، توقف قليلاً أعطي نفسك فرصة لتقدير الأمور مقاديرها لاتحكم على تصرفاتك وتصرفات الآخرين بسرعة، استرجع مايستحق استرجاعه وأرمي ما يؤلمك ويعكر صفو مزاجك في سلة المهملات. توقف عن لوم نفسك ولوم الآخرين على أشياء مضت وانقضت، وإبدأ من جديد في تحديد مساراتك وأهدافك، لاتنظر للخلف أبدا، ولا تلقي بالاً بمن خذلك ومن لم يقف معك، فسعادتك تبنيها بنفسك ولا تنتظر إعجاب الآخرين بك، أبدى إعجابك بنفسك وبماتنجزته دائما ثم ستعلم حينها إن محطات الحياة لم تكن بذلك السوء، ولكنه كان حصصا يومية وربما دقائق تتعلمها خلال حياتك، وتضيفها إلى ألبوم صورك وذاكرتك، وتحيط بها بكل ماهو مرغوب وتزيح كل ماهو مذموم، عندها ستدرك أنك أضعت الكثير من دقائق حياتك بالحزن والاكتئاب، الذي زاد من بؤسك، وإنكارك لذاتك. فانهض وانفض غبار ألمك وتعاستك، ورمم ماتبقى من جسدك وعقلك وإبدأ من جديد، فالحياة لا تتوقف لحزن أحد أو فرح أحد، ولن يحرم الناس لذيذ وومهم من أجل السهر لأجلك، فقط حينها تعرف أنك انزفت روحك بما يؤلمها فقط ولم تنظر إلى جانبك المشرق يوماً..