تتوقف بين فترة وأخرى لتراجع نفسك، تحاول أن تتحدث معها أن تجري حواراً قد يطول وقد يقصر، تأخذ وتعطي في الكلام، قد تكون جلسة مصارحة أو جلسة عتاب. حديثك مع نفسك يأخذ صوراً كثيرة، قد يكون عنوانه الغضب من تصرف ما أو الحزن لفشل ما أو الفخر بإنجاز معين، أو يكون حديثاً متعرجاً تمر فيه بمشاعر كثيرة تختلف في نسبة تطرفها أو هدوئها. قد تفضل أحياناً الهروب من مواجهاتك مع نفسك ربما لأنك تخجل منها ربما لأن هناك ما يؤلمك فتفضل الانشغال عنه بكل شيء يجري حولك وربما لأنك لا تجد نفعاً من المواجهة خاصة حين تجد نفسك قليل الحيلة أمام صعاب كثيرة تمر بك، تأخذ الكثير من أعصابك وتستنزف مقاومتك. قد تراجع أعمالاً ،وأحداث عام مضى تفكر فيها بهدوء تبتسم حيناً وتقطب حيناً، وتضحك على سذاجتك حيناً وتنتقد حماقاتك في حين آخر. مع نفسك لابد أن تكون صريحاً لا تستطيع أن تغلف حقيقتك بقناع ولا بابتسامة ولا بحروف مقتضبة ولا بأعذار واهية. حديثك مع النفس لابد أن يكون صريحاً وقوياً ومباشراً، هذا إذا كنت ترغب حتماً في تقويمها وتغييرها للأفضل. فهذه الاستراحة مع النفس ليست وسيلة لقضاء وقت الفراغ ، أنت تقوم بها لسبب أو لأسباب كثيرة، أبسطها أنك تريد أن تلتقط أنفاسك وتراجع تصرفاتك وتعيد تقييم أولوياتك وتصلح أخطاءك. لابد أن تتوقف قليلاً، وتراجع نفسك، تتذكر أهدافاً وضعتها قبل عام أو عامين، تتساءل ما إذا كنت حققتها وما الذي عطلك هنا أو أخرك هناك أو جعلك تتكاسل هنا وتتحمس هناك. لابد أن تتوقف قليلاً وتراجع نفسك، ماذا أهملت ومن تجاهلت؟ وماذا خسرت ومن كسبت؟ توقفك هذا لابد أن يكون بفائدة، أبسطها هي أن تعرف أخطاءك، وتحاول تفاديها في المستقبل، وأن تعرف نقاط ضعفك وقوتك وتتعامل معها، وأن تعرف أولوياتك واهتماماتك وترتبها وأن تتذكر مبادئك وتعرف قيمتها وأهميتها وتركز على الحفاظ عليها. أهم شيء هو أن لا تنشغل عن محطات الراحة ومحاسبة النفس هذه، حتى لا تنظر لنفسك في المرآة يوما وتتساءل مندهشاً معقول هذا هو أنا!!!