قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار إن متوسط عدد الحرائق التي شبت في المنطقة التاريخية في محافظة جدة بلغ 5 حرائق خلال السنوات الخمس الماضية. وأشار إلى أن جدة التاريخية خسرت خلال هذه الفترة أكثر من 200 مبنى تاريخي منذ اعتمادها في العام 1980م، وذلك في تصريحات صحفية عقب ترؤس سموه نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة اجتماع اللجنة العليا لتطوير المنطقة التاريخية، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة. وناقش الاجتماع دور الجهات الحكومية ذات العلاقة فيما يخص تطوير وسط جدة التاريخي، وتحديد مهام كل جهة من أجل الإسراع في تنفيذ علميات التطوير ووضع حد للحرائق التي تشهدها المنطقة. وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان أن العمل في المنطقة التاريخية مستمر، موضحا أن جدة التاريخية ليست ملكا لجدة ولأهالي جدة بل هي ملك وطني، وأضاف أن الدولة رأت أن تقدمها إلى منظمة اليونسكو كموقع تراث عالمي بعد أن تم تسجيل مدائن صالح في التراث العالمي في المنظمة، والرفع بملف جدة التاريخية للمنظمة، معربا عن أمله أن يتم التصويت على الدرعية القديمة صيف هذا العام في اليونسكو. وأوضح أنه "كلما خسرنا وتخاذلنا في قضية إنقاذ المباني وتحويلها إلى موقع اقتصادي تاريخي ثقافي عالي القيمة، قلت الفرص في أن يستعيد هذا الموقع مكانته". مشيرا إلى أن المنطقة التاريخية تتبع أمانة محافظة جدة والهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل كشركاء متضامنين مقدرا الأدوار التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز، و صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز وأمناء جدة السابقين لتطوير المنطقة. وأكد أن المنطقة شهدت في فترة من الفترات وضعا مأساويا لجدة التاريخية ودورها الوطني، مشيرا إلى أنها تعد المدينة الوحيدة الباقية في العالم العربي مكتملة العناصر والتي تعكس المدينة التاريخية والتراث العمراني الإسلامي، مؤكدا في الوقت ذاته أن المدينة التاريخية تحتضر. وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار قامت بعمل جبار وقدمت خطة متكاملة ومفصلة ودراسات تفصيلية، وأن الأمانة بدأت تنفذ مشاريع في المنطقة التاريخية تقدر قيمتها بحوالي 50 مليون ريال لإيصال مشروع إطفاء الحريق، الذي يعد مشروعا مختلفا عن مشاريع الإطفاء في المواقع الأخرى. وأفاد بأن الأمير مشعل بن عبد العزيز محافظ محافظة جدة سيرأس غدا الأربعاء اجتماعا لاستكمال بحث مشروع جدة التاريخية وستكون هناك قرارات مهمة في ما يتعلق بالمستودعات والتمديدات الكهربائية والعمالة السائبة، مشيرا إلى أن هذه المشاكل طرحت معالجتها قبل سنوات، ورغم ذلك ومع الأسف تحدث الحرائق. وأوضح أن تعليمات وتوجيهات سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة واضحة، وأن جدة التاريخية جزء تاريخي مهم لبلادنا ومورد اقتصادي عالي القيمة، وحث سموه الجهات المعنية على العمل كجهة موحدة، مقدرا التدخل العاجل للدفاع المدني في إخماد ومحاصرة الحريق. وألمح إلى أن هناك قرارات مهمة سوف نسمع عنها قريبا، مشيرا إلى أن العمل على أرض الواقع قد بدأ ، ولكن هناك تسريع للعمل في المنطقة التاريخية، وقال سموه "إن شركة وسط جدة تأسست وتعمل بالشراكة مع الأمانة ، ونحن نعمل مع الشركة وسوف تقدم خطتها للتطوير الشهر المقبلط، مؤكدا أن الشركة تدخل في هذا المشروع كمطور لوسط جدة وليس التاريخية فقط . وأضاف "نحن في الهيئة سوف نسرع أي معاملة تأتينا من الملاك أو المطورين مع بنك التسليف"، لافتا إلى أن قرار مجلس الوزراء الذي صدر يمكن بنك التسليف من تقديم قروض للقرى التراثية. وذكر أن وسط جدة التاريخية صنفته الهيئة ضمن مشاريع وسط المدن الذي تقوم عليه بالشراكة مع وزارة الشئون البلدية والقروية، مستشهدا بوسط الهفوف الذي انطلق، ووسط الطائف الذي سيضع حجر أساسه صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة، وصاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية الشهر المقبل، مشيرا إلى أن وسط جدة أعطي أولوية كبيرة جدا. وأوضح سموه أن طموح الجميع أن تتحول جدة التاريخية إلى مقصد للتاريخ والثقافة والتميز، مؤكدا أن المملكة وسكانها وقيادتها لا تقبل أن تكون مثل هذه المواقع المزرية في وسط هذه المدينة المتقدمة اقتصاديا. وأفاد أن هناك جملة من التوصيات سوف ترفع لسمو الأمير خالد الفيصل لاتخاذ الإجراء اللازم ، وأن كل الدراسات والحلول والتوصيات المتعلقة بجدة التاريخية ، تم تنفيذ نحو 50% منها. وأشاد سموه بدور أمانة جدة في العمل بمشروع تطوير المنطقة التاريخية بمهنية عالية جدا ،واليوم تقرر أن تستعجل الأمانة في مشاريعها كجزء من متطلبات اليونسكو بإنشاء بلدية خاصة في جدة التاريخية، موضحا أن الهيئة وقعت قرارا بإنشاء مكتب للآثار في المنطقة التاريخية. وأضاف "كلنا متضامنون في أن يصبح الموقع من أفضل المواقع المصنفة على مستوى العالم ، وهذا وعد بأن جدة التاريخية سوف تستكمل برنامجها الزمني المتفق عليه ، وسيعلن هذا البرنامج في وقته في اجتماع اللجنة العليا برئاسة الأمير خالد الفيصل". وطالب سموه بإعادة بناء المباني التي تعرضت للهدم جراء الحريق كما كان في السابق، مقدرا اهتمام الملاك بمبانيهم، ومؤكدا في الوقت ذاته أهمية استفادة الملاك من هذه المباني، وأن الحلول الاقتصادية التي قدمتها الهيئة والأمانة وشركة جدة كلها حلول اقتصادية تعطي الملاك فائدة أفضل مما كانوا يتوقعون. واستشهد سموه بتجربة رجال ألمع في الشراكة بين الجهات المعنية والأهالي والتضامن تحت مشروع اقتصادي جديد، مؤكدا أن الهيئة عملت خلال السنوات الماضية مع شركائها للتوجه نحو مثل هذه الشراكات التي سوف تنعكس على تنمية السياحة في بلادنا. وقبيل الاجتماع تفقد سمو الأمير سلطان والأمير مشعل وأعضاء اللجنة المنطقة التاريخية ووقف الجميع على المباني التي طالها الحريق الذي شهدته مؤخرا، كما اطلعوا على مشروع شبكة إطفاء الحرائق بالمنطقة التاريخية الذي تنفذه أمانة محافظة جدة. وأوضح صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد أن منطقة جدة التاريخية توليها الدولة عناية خاصة، مشيرا إلى أن كثرة الدراسات وتغير أمناء جدة أثرا سلبا على هذه المنطقة. وأكد سموه أنه سيتم العمل على تنفيذ جميع التوجيهات الصادرة من أجل تطوير المنطقة التاريخية، ومعاقبة كل من يتسبب في تأخر تنفيذ عملية التطوير، خاصة ما يتعلق بالمستودعات والإسكان الجائر واستخدام المباني التاريخية في غير ما هو مخصص لها. وقال الأمير مشعل: "ليس لدينا استعداد أن نخسر آية مبنى جديد ، فالمنطقة التاريخية تعد ملكية عامة للدولة ومن يريد الحفاظ من الملاك على أملاكه ستعمل الدولة بكل جهدها من أجل الحفاظ على هذه الثروة". وأضاف "سندافع عن هذه المدينة بأقوى قوة ممكنة حتى نبقيها لأولادنا وأحفادنا لمعرفة تاريخهم"، متمنيا من الجميع القيام بواجبهم ،وتحمل المسئولية المشتركة. من جهته توقع أمين محافظة جدة المهندس عادل فقيه الانتهاء من تنفيذ كامل شبكة إطفاء الحريق بالمنطقة التاريخية نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن هذا المشروع هو هدية خادم الحرمين الشريفين لأهالي جدة. وقال فقيه إنه تم إنجاز معظم هذه الشبكة من خزانات مياه ومضخات ، موضحا أن تنفيذ المشروع جاء نظرا لما تشهده المنطقة التاريخية من صعوبة وصول سيارات الإطفاء التابعة للدفاع المدني للمناطق التي تشهد حريقا بسهولة ويسر. وأوضح أن المشروع يوفر 112 وحدة لإطفاء الحريق بين كل واحدة والأخرى مسافة 75 مترا طوليا كحد أقصى، مع توزيع تلك النقاط داخل النسيج التاريخي الذي يمتاز بضيق الشوارع والممرات، مشيرا إلى أنه تم ربط تلك الوحدات بمضخة رئيسية وأخرى احتياطية وخزان ماء رئيسي في المشروع بسعة 1500 متر مكعب، كما تم تحديد ساحة باب جديد لعمل الخزان والمضخات اللازمة للمشروع.