في عام 1982م اكتشفت الشرطة في اندونيسيا عصابة تستغل السذج وبسطاء العقول لتبيعهم "جوازات سفر للجنة"!، هذه الحكاية التي تقطر مرارة في ذلك الوقت آلمت الكثيرين فلم يكن أحدا يتصور أنه بعد 15 قرنا من بعث محمد عليه الصلاة والسلام مبشراً الناس بأنه لا حجاب بين العبد وربه وأنه لا كهانة ولا كهنة في الإسلام، يجيء مثل هؤلاء المنحرفين ليستغلوا سذاجة البعض ويستثمروا الدين لحسابهم الخاص. تذكرت هذه القصة وأنا أتابع كثرة من الزملاء وغير الزملاء وهم يتسابقون في الإدعاء بالألقاب التي يظنون أن شخصياتهم لن تكتمل إلا بها، فيما الواقع يقول إنها عقدة النقص التي يشعرون بها، ومرض اجتماعي أو دعنا نسميه "اضطراب نرجسي"، وقد شاهدت ذلك خلال الأيام الماضية على مجموعة من هؤلاء السذج الذين يبحثون عن لقب مُعين بمقابل مادي بحضور برنامج "عن بُعد"، وخلال أسبوع إلا والشهادة معهم (ممهورة بالنسر) وجميعهم متأكد أنهم كما هم لم يتغيروا ولم يتطوروا لأنهم لم يأتوا ليستفيدوا بل كان الهدف اللقب واللقب فقط، فضلاً عن أن مقومات هذا اللقب بعيدة عنهم كُل البعد، وكم تعجب وأنت ترى هذا اللقب الوهمي وقد حول صاحبه الى "جنون العظمة" حيث تجده يدعي قابليات استثنائية وقدرات متفردة وعلاقات كبيرة ومهمة، أو كما يقولون يعمل من (الفسيخ شربات)!! فيما الواقع أنه لاوجود لها، فهو يعيش في وهم أنه القادر على تحويل الخشب إلى ذهب، خاصة وقد أوهم نفسه وجعلها تعيش نشوة كاذبة. لم أكن أتصور أنني سأجد ذلك الحماس من بعضهم بالجري خلف تلك الألقاب من مؤسسات وجامعات ومنصات البعض لاوجود له على أرض الواقع، ومخرجاتها على الفرد "صفر"، فلم أشاهد أية تغير أو تطور على من حملوا تلك الألقاب ممن أعرفهم، بل أن حصوله على ذلك اللقب وحرصه على أن يسبق اسمه قلل من شأنه عندي بعد أن كنت أنظر له بعين الإجلال والإكبار. رسالتي الى هؤلاء الذين جعلوا من أنفسهم محل تندر لمن يعرفهم، أعلموا أن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لم يكتب على مؤلفاته لقب "دكتور" على الرغم من حصوله على درجة الدكتوراه بشهادتين من فرنسا، واللبيب بالإشارة يفهمُ.