نرجسية هو لقب إلكتروني تختبئ خلفه فتاة سعودية تخصصت في ترجمة روائع السينما الأوروبية والآسيوية ، وقد أكملت سنتها الثالثة في هذا المجال؛ ترجمت خلالها تسعة عشر فيلماً من الأفلام النخبوية التي لن تجد طريقها أبداً إلى الأسواق العربية الرسمية. و"نرجسية" ليست إلا واحدة من عشرات المترجمين العرب الذين وهبوا أنفسهم لترجمة الروائع السينمائية وتقديم خدمات مجانية مساندة لعمليات تحميل الأفلام. ما يقوم به هؤلاء هو تغطية للنقص الذريع الذي تسببت به شركات توزيع الأفلام في العالم العربي والتي لا تهتم إلا بالسينما الهوليودية وتتجاهل كل ما عداها ، فلا توجد حتى الآن شركة عربية تملك حقوق توزيع السينمات الإيطالية والإيرانية والبرازيلية في داخل العالم العربي؛ رغم تحقيق أفلام هذه البلدان وغيرها لجوائز عالمية مهمة. وعليه لا يكون أمام المشاهد العربي إلا طريق نظامي واحد لمشاهدة هذه الأفلام وهو أن يشتريها في نسخ أصلية من المواقع الكبيرة مثل أمازون وبأسعار مرتفعة ومن دون ترجمة إلى اللغة العربية. هذا كله يجعل من نشاط هؤلاء المترجمين أقرب إلى الشرعية! لأنهم جلبوا الأفلام إلى مناطق لم تكن تصل إليها من قبل ، ولن تصل. وهم لا يضرون أحداً لسببين؛ أولاً أنه لا يوجد أصلاً وكيل عربي لتوزيع هذه الأفلام حتى نقول إنه سيخسر بسبب ترجماتهم، والثاني أن الشركات الأجنبية المنتجة لهذه الأفلام لا تضع السوق العربي في اعتبارها وأي شيء يحصل فيه هو مجرد تحصيل حاصل بالنسبة لها. بعيداً عن مسألة الشرعية؛ يبقى نشاط "نرجسية" وزملائها مثيراً للإعجاب, خاصة وأنهم يقدمون ترجماتهم بشكل مجاني للمتصفحين العرب, رغم الجهد المضني الذي يبذلونه في تنسيق الترجمة وتدقيقها لغوياً وإملائياً. صحيح أن التقنية جعلت عملية الترجمة متاحة للجميع, وسهلة, إذ لا يكلف الأمر سوى ملف نصي صغير تحفظ في داخله الترجمة ومن ثم تُلصق بملف الفيديو, لكن –ورغم ذلك- تحتاج العملية إلى جلد وصبر, وإلى وقت طويل, وتركيز شديد, وقبل ذلك إلى وعيّ بأهمية الأفلام المراد ترجمتها. هذا الجهد الكبير يجعلنا نتساءل عن هدف "نرجسية" ورفاقها؛ شريف حداد وسعيد عبدالجليل وفيصل الظفيري, من ترجمتهم للأفلام وتقديمها مجاناً للجمهور؟. الواضح أنهم عشاق للسينما ويرغبون في تغطية النقص الذي يعانيه سوق الأفلام في الوطن العربي.