إلى عام 1400ه لم يكن في مدينة الهفوف في الأحساء سوى مدرستان في المرحلة الثانوية , الأولى ثانوية “البوعلي” ، وهي ثانوية الهفوف ، وتقبل أبناء الأحياء الغربية من المدينة ، وتسمت في وسطنا الشعبوي بقائدها المربي الفاضل الأديب الوجيه الأستاذ حمد بن أحمد البوعلي – حفظه الله – و الأخرى ثانوية الملك خالد ، وتستقطب الأحياء الشرقية للمدينة وكان يطلق عليها شعبيا ثانوية “العرفج” نسبة لقائدها المربي الفاضل القائد التربوي الوجيه الأستاذ محمد بن عبداللطيف العرفج _ رحمه الله _ ودون شك كان لهذين القائدين الفذين الدور الأبرز في المدرستين ، وفي عام 1403ه نفذت إدارة التعليم عملية تدوير لمديري المدارس ، وكلف الأستاذ سالم السعود مدير ثانوية الملك سعود بالمبرز بإدارة ثانوية الملك خالد ، وخلال أسبوع تراجعت الإدارة عن قرارها وطلبت من المدراء العودة إلى مدارسهم بدعم من الأهالي الذين توجهوا لمدير التعليم لثني الإدارة عن قرارها ، واستجابوا لهم للصالح العام. وقبيل ساعات أعلنت أسرة العرفج عن وفاة أستاذي وسيدي وملهمي المربي الفاضل الوجيه الأستاذ محمد بن عبداللطيف العرفج _ رحمه الله وأسكنه الجنة – وأنا وزملائي الذين درسوا في ثانوية الملك خالد ندين لأستاذنا العزيز بفضل لاحدود له ، ونسأل الله العلي القدير أن يرحمه ويسكنه الجنة ؛ فقد كان نعم القائد التربوي في مرحلة صعبة أسهم بكل اقتدار أن يقودنا إلى بر الأمان ؛ حيث كان لحادثة الحرم المكي الشريف ولثورة الملالي في طهران انعكاسات سلبية على بعض الشباب الذين وجهوا حماسهم بشكل خاطئ ولكن وبحسن قيادته وحزمه وصرامته مرت تلك السحابة بنعومة ، ولم يشعر بها سوى النابهون ، وتخطاها الوسط التربوي ، واعتبرها سريعا من ملفات الماضي غير المأسوف عليه ، وواصل الطلاب تحصيلهم في جو انفعالي تربوي ونفسي واجتماعي سليم ، و الجميع ينشد تحقيق الأهداف الوطنية السامية و أهدافهم الشخصية المشروعة. كان الأستاذ محمد العرفج لا يركن إلى مكتبه كثيرا فهو من يستقبلنا صباحا واقفا وشامخا بطوله الفارع ، ويودعنا بعد الظهر ، كما أنه قريب إلينا وط، ولا تشغله مهامه المكتبية عن متابعة القاعات الدراسية والأنشطة اللاصفية ، و يتعامل معنا على قدر المسؤولية التي غرسها فينا و المواقف الداعمة لنا كثيرة يصعب حصرها ، ولكني سأدلل عليها بذكر أحدها ، ويتمثل في موقفه القيادي بعد أن انتدب لنا معلم لمادة الرياضيات ونحن في الصف الأول الثانوي بديلا للمعلم المتميز الأستاذ يوسف حجازي ، ولم يكن بذاك المستوى المؤمل منه ، وأوصلنا ملاحظتنا إلى قائدنا التربوي ، وكان زملائي الطلاب قد طلبوا مني نقل تلك الملاحظة كتابيا مع ذكر السبب و الدواعي و الطموح و الأمل في علاج ذلك ، وتقاعل بشكل فوري الأستاذ محمد ، وحتى لايظلم المعلم أرسلت إدارة التعليم مشرفا تربويا يقيم واقع المعلم التي أوصت خلال أسبوع باستبداله بالمعلم الأستاذ عطيه منصور من مدرسة الخليج المتوسطة بالدمام ، وكان وقتها تعليم الأحساء يتبع تعليم الشرقية بقياد الدكتور سعيد عطية بوعالي ومدير تعليم الأحساء الأستاذ إبراهيم بن محمد الحسيني ” رحمه الله ” ، وهذا الموقف النبيل من قائدنا أكسبنا الشجاعة في الحق ، وأن المسؤول إنما هو معين لنا كمستفيدين ( طلاب ). وكان رحمه الله يعنى بالنشاط اللاصفي ويؤمن بأنه ضمن المنهج بمفهومه الواسع ، وكلف الفاضل الأستاذ خالد بو هربيل بالنشاط الاجتماعي وقاد المناشط اللاصفية باقتدار ، و أذكر أبرزها رحلة جوية لأداء مناسك العمرة لعدد 50 طالبا بإشراف الأستاذين خالد بوهربيل وإبراهيم بن محمد النصيب ، واستضافنا وقتها بيت الطالب في حي الزاهر في مكةالمكرمة ، وأبدع الطلاب في تجسيد مجسم لمكوك الفضاء ( ديسكفري ) الذي أقل أول رائد فضاء عربي مسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ( حفظه الله ) ناهيك عن البرامج و الفعاليات الدينية , الأدبية , المسرحية , الثقافية , الرياضية , الكشفية والإذاعة المدرسية المتميزة وعرابها أخي الدكتور محمد بن ناصر الشقاوي أحد طلاب المدرسة آنذاك . مساحة القلب تكفي لذكر كل من ارتبط بتلك المدرسة ، ولكن مساحة هذا العمود تقف حائلا دون ذلك ، وذكر تلك الأسماء الرائعة و الريادية و المتفوقة يجعلنا نقف على مدى الأثر الطيب والانعكاسات الإيجابية لقيادة أستاذنا الفاضل ، وانتشرت نجوم المدرسة في سماء العطاء لوطننا ” السعودية العظمى ” وعدد آخر حلق خارجا وهو يمثل الوطن إقليميا وعربيا وقاريا و دوليا , وأحد نجومها أخي الدكتور محمد بن عبدالله بودي رئيس مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي يصف واقع المدرسة وقيادتها ” ثانوية الملك خالد في الأحساء عدت إبان قيادة الأستاذ محمد العرفج ينبوعا للطاقات ومنجما للنوابغ على مستوى الأحساء بل و المنطقة الشرقية “. إننا لفقد الوالد القائد المربي الأستاذ محمد العرفج بوعبدالعزيز لمحزونون ، ولكن عزاءنا أنه قدّم الخير وقدم إلى خير و إلى رحمة أرحم الراحمين ، ونسأل الله العلي القدير أن يسكنه الجنة ، ونعزي أنفسنا و أحبابه و أسرته الكريمه و أصهاره و أرحامه ونسأله سبحانه أن يلهمهم الصبر و السلوان.