منذ سنوات طويلة وأنا أرصد تصرفات المجتمع السعودي وهو ينتظر حتى اللحظة الأخيرة لينهي ما لدية من التزامات . لا فرق إن كانت تلك اللحظة في ليلة العيد أو قبل السفر أو مع إغلاق المحلات للصلاة . واليوم أضيف لتلك اللحظات لحظة جديدة هي الدقائق التي سبقت موعد بدء سريان منع التجول الجزئي الذي صدر الأمر الكريم بتطبيقه في كافة مدن المملكة . أحيانا تكون بعض الأمور مفاجئة لنا ، وهذه قد تضطرنا لمحاولة تنفيذها في الدقائق الحرجة . لكن في المقابل هناك أمور كان يمكن تنفيذها قبل الدخول في اللحظات الأخيرة . فليلة العيد حتى وإن لم يعلن عنها إلا في وقت متأخر ، تسبقها أيام وليال كافية للتجهيز لها . ومع ذلك تتحول تلك الليلة إلى صراع في الشوارع وربكة في السير وتزاحم في المحلات ، وما يرافق ذلك من ارتفاع في الأسعار لبضائع ليست بالجودة المطلوبة . ما ينطبق على ليلة العيد ينطبق لحظة الإعلان عن ثبوت رؤية هلال رمضان المبارك . فما أن يعلن عن ذلك حتى تعج البقالات ومراكز التسوق لتجميع كل ما له علاقة بهذا الشهر الفضيل على الرغم من معرفتنا بأن الشهر سيدخل علينا إن لم يكن في تلك الليلة ففي الليلة التي تليها . حتى في السفر ينتظر بعضنا وخاصة العائلات آخر الوقت للتوجه للمطار وللطائرة . ولأن هذا المقال سينشر هذه الليلة ، فقد تعمدت لرصد الدقائق الأخيرة عند السوبر ماركت القريب من منزلنا قبل بدء سريان منع التجول بربع ساعة . فلم يختلف الأمر عما توقعته . هذا يبحث عن موقف ، وآخر يهرول قبل إغلاق الأبواب ، وثالث يسرع من رف إلى آخر وفي يده ورقة الأغراض المطلوبة (لا أعلم إن كان الخوف من المدام أم من حظر التجول) ، مع أن جميع السعوديين والمقيمين يعلمون موعد تنفيذ قرار حظر التجول من يوم أمس . لماذا نحن شعب اللحظة الأخيرة نتخذ قراراتنا في الوقت الضائع ؟! لماذا لا نرتب أمورنا في الوقت المناسب ؟! لماذا نضع أنفسنا في مثل هذه المواقف المحرجة ؟! . كلها أسئلة علينا أن نطرحها على أنفسنا ، وأن نعمل على التخلص منها باعتبارها عادة مزعجة تضر ولا تنفع . هذه أول ليلة نجد أنفسنا فيها بين جدران منازلنا . وأمامنا ثلاثة أسابيع ، ستكون فيها مدننا موحشة ، وشوارعنا بلا روح ، ومزاجنا على غير ما يرام . ومع ذلك فالأمل أن نتجاوز جميعا هذه المحنة ، من خلال الالتزام التام بالتوجيهات التي وضعت في الأساس لمصلحتنا وسلامتنا ، ولكم تحياتي.