يحتفل العالم بكبار السن أو المسنين . وتخصص الأممالمتحدة يوماً للفت الأنظار لهذه الفئة التي وصلت إلى مراحل متقدمة من العمر ، فلم تعد قادرة على خدمة نفسها بنفسها . في أمريكا يطلقون على هذا اليوم يوم الأجداد ، وفي الصين يسمونه التاسع المضاعف ، وفي اليابان يوم احترام المسنين . والحقيقة أن مجتمعنا في غالبيته العظمى لا يحتاج إلى من يذكره بهذه الفئة. فنحن مجتمع تشكل العائلة فيه محور الحياة ، كما يشكل الإرتباط بين أفراد الأسرة تقليداً حميداً بين الأجيال . ومع ذلك فهناك أحداث تقع بين الحين والآخر تشكل عقوقاً للوالدين أو أحدهما . فنحن وكما أقول دائماً لسنا مجتمعاً ملائكياً . يعتقد البعض بأن وجود أب أو أم في حالة عجز بحاجة لمن يخدمهم ويرعى شؤونهم هو نوع من الإلتزام المتعب . ولكن الحقيقة بأن من منحه الله فرصة لرعاية والده أو والدته فقد كرمه وبارك في بيته وأسرته وضاعف من حسناته . يقول الله سبحانه وتعالى ” وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”. دعونا نبتعد عن العاطفة قليلاً لنتحدث بلغة العقل والمنطق ، عن الحاجات التي من المهم تحقيقها لهذه الفئة التي ضعفت بعد قوة . فالكثير من الأسر التي ترعى كبار السن بحاجة لتثقيف ومساعدة لمعرفة أفضل الطرق للعناية بهم . فحتى لو كانت الرغبة موجودة ، إلا أنهم لا يعرفون الطريقة المثلى للتعامل مع الحالات والمواقف التي يمرون بها . فهم لا يعرفون كيف يقومون بالرعاية الوقائية ولا العلاجية ، وليست لديهم معرفة بالخدمات الصحية ، فتبقى إجتهاداتهم في حدود ما يعرفونه. هناك حلقة مفقودة بين الجهات المعنية بكبار السن وبين أسرهم . فأنا لم أسمع من قبل عن دورات تثقيفيه أو ندوات مفتوحة أو برامج تلفزيونية تساعد الأسر على تعلم الطرق المثلى للتعامل النفسي والجسدي مع متطلبات من يعتنون بهم . كما لم أسمع عن معارض متخصصة لإحتياجات كبار السن ، ولا عما سخرته التكنلوجيا لخدمتهم والعناية بهم كما هو موجود في الدول المتقدمة . الضعف البدني والنفسي الذي يصيب المسنين يجعلهم يشعرون بالخجل من ذويهم ، مما يتطلب الكثير من الهدوء والبشاشة عند التعامل معهم . فهم أكثر حساسية وخوفا على كرامتهم المجروحة . إنهم يمرون كل يوم بمرحلة جديدة من مراحل التقدم في السن ، ومع كل مرحلة تزداد هفواتهم وربما يرتكبون أخطاء لا يقدرون خطورتها كما لو كانوا أطفالاً صغاراً . وللأسف الشديد فهناك من لا يحتمل تصرفاتهم ، فيأخذهم لدور العجزة متناسياً أن والديه هما من تحملاه رضيعاً إلى أن أصبح رجلاً . تذكروا جميعاً واتعظوا من قول الله عز وجل في محكم كتابه “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ “. ولكم تحياتي