احتدم الجدل حول موقف الشريعة الإسلامية حيال موقع التعارف الاجتماعي (فيسبوك) على الإنترنت، فظهرت تقارير تشير إلى تحريمه من قِبل لجنة الفتوى في الأزهر، في ضوء دراسة تحمله المسؤولية عن 20 % من حالات الطلاق بمصر، قبل أن يتم نفي ذلك بعد مرور أيام، وسط انعدام في وضوح الموقف. بالمقابل رأى أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية، الشيخ أمين الكردي، الذي يمتلك صفحة دعوية خاصة على "فيسبوك،" في حديث ل CNN بالعربية نشرته السبت 6 /2 /2010، أن "الأمور بمقاصدها" وليس هناك بالتالي حظر شرعي على الموقع بشكل مطلق، شرط مراعاة استخدامه بصورة عاقلة ومتزنة .. أما اللجوء إليه لاختراق الحرمات وفضح الناس فهو محرّم ومرفوض". وأوضح الكردي عبر الهاتف من بيروت، قائلاً "النظرة إلى هذه القضية، سواء ما يتعلق ب (فيسبوك) أو الإنترنت بشكل عام، يجب أن تكون شاملة عبر التحقق من جانبين: الأول القصد من الاستخدام، والثاني هوية المستخدم". وتابع الكردي بالقول "إذا كان القصد من الاستخدام سامياً، ويهدف إلى تبادل المعارف والمعلومات والتواصل بين الناس الذين تفرقهم المسافات، فهذا أمر جيد، بل يمكن أن يكون مقصوداً لذاته إن كان السبيل الوحيد لمعرفة ما هو بعيد عنّا، وقد قرّبت هذه الوسائل التكنولوجية العالم وجعلته بمتناول البشر، وهذا أمر إيجابي". غير أنه لفت إلى أن الحكم الإيجابي على الإنترنت ينقلب بالكامل إن كان القصد من الاستخدام "العبثية والتدخل في شؤون الناس وتجاوز الحرمات واستخدام شخصيات وهمية للتغرير بالآخرين، وهي أمور محرّمة". وخلص الكردي إلى القول "الأمور بمقاصدها، ونحن ننظر للمقاصد لإطلاق المواقف والأحكام، أما التحريم المطلق فلم يقل أحد به، لأن الإنترنت ككل وفيسبوك بشكل خاص هو مجرد وسيلة". وأعاد الكردي أساس المشكلة إلى وجود شريحة من الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت بطريقة سيئة، معتبراً أن الحل لا يكون بتحريم هذه الشبكة، بل بتوجيه الذين يسيئون التعامل معها ونصحهم، وتنظيم هذا الملف بشكل كامل. وحدد الكردي ثلاثة أسس لمعالجة هذه القضية، تبدأ من تعزيز الجوانب الإيمانية لدى المستخدمين، وخاصة صغار السن، وتفعيل الجانب الرقابي من قبل الأهل ودعوتهم إلى تجنب ترك أولادهم بحالة العزلة، وأخيراً استخدام برامج المراقبة الإلكترونية في المنازل لضمان ضبط المصطلحات والصور والمواقع المستخدمة. وكانت صحيفة (الراية) القطرية قد نشرت مطلع فبراير/شباط الجاري بياناً منسوباً إلى لجنة الفتوى في الأزهر بمصر، تحرم فيه اللجنة التسجيل في موقف (فيسبوك) واستخدامه. وعزت الصحيفة قرار اللجنة الأزهرية إلى نتائج دراسة أعدها فريق من المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، خلصت إلى أن "حالة من كل خمس حالات طلاق في البلاد تعود لاكتشاف شريك الحياة وجود علاقة مع طرف آخر عبر الإنترنت، من خلال الموقع". وأوضحت الدراسة "أن هذا الموقع سهّل لعديد من الأشخاص خيانة الآخر بحيث يمكن للزوج أو الزوجة اللذين يشعران بالملل والضيق وينتابهما شعور بالرتابة العثور بسهولة على طرف آخر يقيم معه علاقة بعيداً عن المظلة الشرعية". وفي الثالث من فبراير /شباط الحالي، نقلت صحيفة "القدس العربي" أن رئيس لجنة الفتوى السابق في الأزهر، الشيخ عبد الحميد الأطرش، انضم إلى قائمة مؤيدي الفتوى الجديدة بقوله بحرمة الدخول على (فيسبوك) بعد زيادة معدلات الطلاق وانتشار الخيانة الزوجية. ولكن موقع (إسلام أون لاين) المقرب من الداعية الإسلامي المصري، يوسف القرضاوي، نقل الجمعة 5 /2 /2010 نفي الشيخ الأطرش، ما نُشر عن تحريمه استخدام الموقع الاجتماعي، وأورد عنه قوله: "لم أحرِّم فيسبوك، وإنما كل الذي قلت به إن الإنترنت والتلفاز هما سلاح ذو حدين، شأنهما شأن سكين المطبخ الذي يمكن استخدامه في منفعة أو استخدامه في إيذاء النفس والغير". وأضاف: "أنا لا أعلم حتى كيفية عمل الفيسبوك كموقع على الإنترنت، ولا يمكن أن أحرِّم شيئا لا أعرف ماهيته أو كيفية التعامل معه". كما نقل الموقع عن لجنة الفتوى في الأزهر بدورها تأكيدها بأنها لم تطلق أي فتوى تحرِّم (فيسبوك) أو تمنع التعامل معه، وأكد الأمين العام الحالي للجنة الفتوى، الشيخ سعيد عامر، أن اللجنة لم تصدر أي فتاوى حول الموقع، ولم تتسلم أي استفسارات حوله "خاصة أن آلياته غير معلومة للجنة".