يتساءلون.. هل جاء النفط نقمة على الإنسان؟! وتتناثر الإجابات العاقلة منها والمتزنة في اتجاه النسيان أو التهميش أو الإهمال. الإعلامية السياسية الصارخة هي سيدة الحوار, وهي التي تحاول تفسير مواكب وموائد الأغنياء, وورود ومقاعد الكبار, وميكروفونات وكمرات الأدعياء؛ على أن هناك محاولات جادة كي (يشبع) الجميع. بالنسبة للفقراء, فالصوم ليس قضية. هم صائمون اثنا عشر شهرا في العام بعكس خلق الله.. لكن الفقير يبايع الكبار بالولاء والطاعة وحفظ الأرض والعرض, ويقسم يميناً ويساراً بألا يفتح فمه ولا يناقش ولا يسأل ولا يطالب ولا يصرخ ولا يعترض. وتجتمع السيدات المحترمات والسادة المحترمون تحت مظلة أن الكرة الأرضية أسرة واحدة, وتتوالى أعمال الخير, بينما سقوف الضعفاء من صفيح وكرتون, وأزقتهم امتلأت بالمجاري, وعيونهم ببقايا الذباب, وجيوبهم ببقايا الخبز الناشف والأمل.. هل نقاضي هؤلاء بالقصيدة التي تدافع عن الرغيف والمقال الذي يطالب بالمغراف؟! ليس لدينا غير هذا, وجباهنا وأقدامنا وأيدينا معفرةٌ بتراب الوطن العربي، الحلم العربي، الكذب العربي. وأي قصيدة تتجاوز (المداحون)؟! وأي مقالة تستطيع الدخول من أبواب الكبار؟! ويقيني بأن للكبار مواكب وللجنائز مواكب, ويقيني أيضا أن مساحات القبور واحدة والذي يحاسِب واحد, لكن هؤلاء تحول قناعاتهم بالأبدية دون الوقوف على حقيقة البقاء والانتهاء.. ما أصعب أن يسبح عالمنا العربي على بحر من النفط, ويسبح أبناء الفقراء في بقايا مياه الأمطار الراكدة والمجاري! ما أصعب وفرة الخراف والحلوى والفواكه والورود على موائدكم, وندرة الرغيف أمام أعيننا. ما أصعب أن تضمّنا أرض واحدة وتظللنا سماء واحدة. رحم الله الإمام علي بن أبي طالب إذ قال: (الفقر في بلاد الغنى غربة). ورزقي على الله (ثامر الميمان)