كل الأغذية لها بدائل يمكن للإنسان أن يلجأ إليها إذا كان راغبا أو مضطرا ، إلا رغيف الخبز لأنه أساس المائدة ووجباتنا ، ولا غنى عنه بأي شكل كان للأغنياء والفقراء والأصحاء والمرضى على السواء ، وهو في حياة الشعوب رمز أمنها الغذائي الذي يصعب أن يتعرض لهزات ولا يجب المساس به ، ونحمد الله أننا في هذه البلاد التي يحرص ولاة أمرها والمسؤولون إلى توفير هذا الغذاء الأساسي وتأمين مصدره مهما كلف ذلك من أموال وجهد ، والدولة وفقها الله حريصة على توفير الدقيق ودعمه لتوفير رغيف الخبز بمواصفاته وسعره المحددين . ورغم ذلك نلاحظ مظاهر وشواهد للتلاعب بأوزان الرغيف وكأنه دخل موسم تخفيضات دائم ويشكو من أنيميا وهزال ونقص في الوزن منذ أزمة الأسعار ، وهذا ينطبق على معظم أنواع الخبز الذي يباع يوميا من الصامولي والبر والأبيض إلى التميس ، وتفسير ذلك في رأي كثير من المواطنين والمقيمين أن بعض المخابز الكبرى والأفران الفردية لم تستطع فرض زيادة في سعر الخبز أو إنقاص عدد الأرغفة المقررة بريال واحد ، فقضمت من وزن الرغيف رغم وجود تعليمات واضحة ومفصلة بشأنه . والحال هكذا فإن الأمر يتعلق بالرقابة ومدى وجودها لأن الدقيق متوفر بكل مشتقاته ، والدعم موجود بصور شتى ليصل رغيف الخبز إلى المستهلك حسب المواصفات في الوزن وبالسعر المحددين ، ووجود نقص في وزن رغيف الخبز يعني ضعفا في الرقابة وغياب المتابعة الميدانية ، فالرقابة هي الضمانة الأهم لمنع المتلاعبين في وزن الرغيف من بعض أصحاب المخابز والعاملين في مجال إنتاجه لزيادة أرباحهم بطريق غير مباشر على حساب حق الآدميين في رغيف خبز يحظى بالدعم الكبير من الدولة ، ومواصفاته محددة من الجهات المختصة وتحديدا وزارة التجارة ضمن تنظيم خدمات ونشاط المخابز لضمان التوازن بين حقوق المستهلك ، وأيضا وحق أصحاب المخابز في هامش ربح مناسب ، وهي حريصة على استمرار هذا التوازن ، وأي فروقات في الأسعار حسب الأسواق المحلية والعالمية للدقيق تتحملها الدولة ، ولذلك يتوقف الأمر على الرقابة لردع كل مخالف . وعلى أرض الواقع نلاحظ هذه الظاهرة بشكل واضح في العاصمة المقدسة ، وهذا ما يؤسف له ، فمكةالمكرمة حرسها الله ، لها وضع خاص حيث تستقبل الملايين من ضيوف الرحمن على مدار العام زيادة على سكانها من المواطنين والمقيمين ، وهذا الحجم من الاستهلاك والطلب المتزايد على الرغيف يغري بعض المخابز بتخفيض وزنه حتى باتت ظاهرة لمنتجيه ويقلدون بعضهم بعضا ، والسبب ضعف الرقابة إن لم يكن غيابها وترك المتلاعبين برغيف الخبز ، وهذا يذكرني بالمثل الشهير الذي يقول :"عض يدي ولا تعض رغيفي " مع الفارق في المعنى هنا على سبيل المجاز . وفي هذا المقام ومن باب التقدير لابد وأن أسجل الشكر لوزارة التجارة لما تبذله من جهود تعكس اهتمام الدولة بحل قضية الأسعار وأزمة الغلاء ، وتترجم توجيهات ولي الأمر جزاه الله عنا كل خير ، بتخفيف معاناة الغلاء على المواطنين والمقيمين بدعم العديد من السلع الأساسية وتوفير الدقيق بالأسعار والكميات المطلوبة . وتبقى المشكلة في ضرورة تكثيف الرقابة خاصة في مكةالمكرمة لإنهاء التحايل على أوزان الرغيف خاصة وأن الرياضوجدة يضربان المثل في وجود رقابة فاعلة وتعاون فروع الوزارة مع الغرف التجارية الصناعية ، وهذا ما نتمناه في مكةالمكرمة ، فالتلاعب في رغيف الخبز وغياب الرقابة عليه ثغرة خطيرة يجب الإسراع في معالجتها ومحاسبة أي تحايل على الأوزان وأي تهاون في الرقابة . مكة المكرمة