يبدو أن غضب غالبية السعوديين عبّر عنه الأمير تركي الفيصل، في مقاله المنشور في هذه الصحيفة الأربعاء الماضي، عندما كتب تحت عنوان «إنكار الجهود السعودية حيلة العاجز»، شارحا في ثناياه «المحاولات الآثمة للحكومة الإسرائيلية وأذنابها، لإظهار أن السعودية تتغاضى عن المجازر الإجرامية والهمجية في غزة». سرد تركي الفيصل في مقاله بالمعلومة، وليس بالرأي، المواقف السعودية منذ عهد الملك الراحل عبد العزيز، إلى عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهي مواقف معروفة ويشهد لها تاريخ القضية الفلسطينية، ولم تكن يوما مواقف طارئة أو لحسابات سياسية ضيقة، ومع تقديري لرأي الأمير في الهجوم على الحكومة الإسرائيلية و«أذنابها»، فالحقيقة أن تل أبيب لم تتوقف يوما عن استخدام هذه اللعبة الإعلامية الخبيثة، والتزوير والكذب وضربها الحق بالباطل، هو أمر مشهود للإسرائيليين وليس بالجديد، المثير والعجيب دخول مواطنين سعوديين وأشقاء خليجيين على هذا الخط. المثير والعجيب أيضاً أنهم لا ينقلون من إعلام «العدو» الإسرائيلي ولا يصبح ذا مصداقية عالية إلا عندما يسيء للسعودية وينفذ أجندتهم! حملة التزوير التي شنت على السعودية ومواقفها، ساهمت فيها بقوة وسائل إعلام تمول من دولة شقيقة، دست السم في العسل من جهة، وزايدت على موقف السعوديين من القضية الفلسطينية من جهة أخرى. في حين لم يوفر مناصرو «الإخوان المسلمين» في الداخل السعودي وخارجه، تغذية المزاج العام العربي المتعاطف بطبعه مع غزة، وما تتعرض له من قصف عدواني همجي، للإيحاء بأن المواقف السعودية متراخية من العدوان الإسرائيلي. يمكن لمن يريد المزايدة على المواقف السعودية أن يفعلها كيفما شاء، إلا في قضيتين فمن يفعلها كمن يناطح الصخرة: القضية الفلسطينية والدفاع عن الإسلام ومقدساته. مع عدم المزايدة على مصر والمصريين في الدفاع عن فلسطين وقضيتها. حملة الكذب والتحريض ضد السعودية ومواقفها من القضية الفلسطينية، وغزة تحديدا، ما هي إلا سلسلة من استراتيجية وقودها المتعاطفون، بعلم أو دون علم، مع «الإخوان المسلمين» لتنفيذها بدقة متناهية. من يراجع ما يحدث في السعودية من أحداث محلية صغيرة جدا، وصولا إلى أكبر الأحداث وأخطرها، يلحظ أن هذا التجييش قائم أساسا على السعي لبث روح الفوضى في الداخل السعودي بألف طريقة وطريقة، وللتاريخ والإنصاف فإن أول من استخدم هذه الاستراتيجية الإعلامية التحريضية هم الإيرانيون و«حزب الله»، والآن سار على الدرب ذاته عدد من وسائل الإعلام مثل قناة «الجزيرة» القطرية ووكالة الأنباء التركية الرسمية (الأناضول)، غني عن القول إن هذه الاستراتيجية لم تنجح على الأرض إطلاقا، إلا إذا استثنينا (أرض) وسائل التواصل الاجتماعي، فالغث فيها أكثر من السمين، ولا غرابة فهذا هو ملعبهم. السعودية أصدرت قانونا جرم جماعة الإخوان المسلمين و«داعش» و«القاعدة» وغيرها من الجماعات الإرهابية، ومع ذلك، للأسف، لا يزال هناك من يناصر وينافح عن هذه الجماعة أو تلك باسمه الصريح، بل إنه يتطرف للدفاع عن الجماعات الإرهابية دون أن يردعه قانون واضح وصريح. خذ عندك مثلا، أستاذ جامعي يقول على رؤوس الأشهاد إن جماعته، الإخوان المسلمين، هم وحدهم المسلمون، بينما كل من هو ضدهم فهو «متصهين أو عدو للدين»، وهو هنا يضع حكومة بلاده تحت هذا الوصف الخطير، لكن هذا القول يمر كما مر غيره مرور الكرام. في حرب لبنان 2006 اخترع وروّج إعلام «حزب الله» للفظ «المتصهينين العرب» لكل من اختلف مع الحزب سياسيا، بالتأكيد فشلت تلك الحملة وفضح من أطلقها وشارك فيها. في الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة، تشاء الصدف أن يعود نفس من ناصروا «حزب الله» سابقا وجعلوه بطل الأمة، قبل أن ينفضح زيف جرائمه في سوريا، ليطلقوا هذا الوصف من جديد على كل من اختلف مع حماس فكرياً وسياسيا، وكأن «حماس» حزب منزل من السماء لا يأتيه الباطل. الحقيقة هي أن تل أبيب اشتركت مع «أذنابها» في محاولات تشويه السعودية والسعوديين. لم يكونوا إسرائيليين من شاركوا في هذه الحملة الفاشلة كسابقتها يا أمير، إنهم سعوديون وخليجيون وعرب. إذن من هو الصهيوني هنا؟! سلمان الدوسري نقلا عن "الشرق الأوسط"