كان "محمود الشامي" مهموماً جداً، عندما استوقفته قبل مغادرته سوق "نقم" في العاصمة صنعاء، بعد مفاوضات مع بائع المواشي باءت بالفشل، كما يقول إن البائع يريد مبلغ ثلاثين ألف ريال - نحو 150 دولاراً- ثمن " خروف" وهو مبلغ كبير جداً مقارنة مع دخله الذي لا يتجاوز أربعين ألف ريال. واستدرك: لكن لولا وجود الخراف المستوردة لارتفعت الأسعار أضعاف ذلك. تركني متجهاً مترنماً بأغنية يمنية قديمة بعد أن حرف بعض كلماتها " أين السنة يا عيد؟ أين السنة يا عيد". وتغزو الأسواق اليمنية المواشي المستوردة من خارج البلد والتي تأتي من الصومال وإثيوبيا وجيبوتي في المقدمة، مما قلل استهلاك المواشي اليمنية، بسبب ارتفاع أسعارها مقابل أسعار المواشي المستوردة. حيث تجاوز سعر الأضاحي الحد الأدنى لمستوى الدخل، فأسعار الأضاحي المحلية تتباين مابين 160 دولارا إلى 400 دولار، ويأتي ارتفاع أسعار الأضاحي المحلية إلى النقص المتزايد في أعدادها، فيما يبلغ متوسط سعر المواشي المستوردة من دول القرن الأفريقي (أديس أبابا- بربرا- الصومال- جيبوتي) مابين ( 22 إلى 25 ألفاً) نحو 110دولارات و140دولاراً على الرغم من أن متوسط أسعار الأضاحي الأفريقية لم يتجاوز ال15 ألف ريال - 25 ألف ريال خلال عام 2012م، إلا أن الأوضاع في البلد خلال عام 2011م لم تكن مستقرة وهو ما انعكس على الحالة الاقتصادية واستقرار الأسعار حتى العام الحالي 2013م. وتعاني الأسرة اليمنية من تقشف في المصروفات والحياة المعيشية، فقد صفع الفقر وعدم الاستقرار في كيان المجتمع اليمني، رافق ذلك تصاعد التحذيرات الدولية من انتشار مجاعة في اليمن على مستوى واسع، وتحدثت تلك التقارير أن نصف مليون طفل يعانون من سوء حاد في التغذية، وما يقارب المليون طفل يمني يواجهون الموت جوعاً، وأكثر من نصف مليون يمني نازح يواجهون كارثة مجاعة شديدة. يضاف إلى أن تقارير منظمة (اليونيسيف) الأخيرة تحدثت عن 5 ملايين يمني باتوا في دائرة الجوع. ويعتبر اليمنيون " الأضحية" هما يضاف إلى همومهم المتراكمة، بحسب حديث "علي النهمي"، يعمل مهندسا زراعيا، والذي استغرق وقتاً طويلاً عند عزمه شراء أضحيته ويظل يتردد على سوق المواشي أكثر من ثلاثة أيام لعله يجد ما يناسب دخله. ويقول النهمي: "فاتورة احتياجات العيد تتضاعف في ظل ارتفاع أسعار اللحوم إلى مستويات تفوق قدرات المواطن اليمني المالية". ولا تزال حالة الفقر المنتشرة تلعب دورا أساسيا في مظاهر استقبال عيد الأضحى حيث يلجأ الكثير من اليمنيين إلى شراء اللحوم بالكيلو ليوم أو يومين فقط، فيما كانت اسوق صنعاء للمواشي تشهد ركودا، وبحسب تجار تحدثوا الى " اليوم" ان هذا العام وهو الثاني الذي يشهد ركودا كبيرا في تجارة المواشي. ويقول عبد الله النجار: "يوجد لي في هذا السوق أربعة وعشرين عاماً، لم اشهد ركودا مثلما تشهده الأسواق العام الماضي وهذا العام"، محذراً من انهيار هذه التجارة في اليمن.