إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا على فراقك يا ولدي لمحزونون. لا أعرف كيف أرثيك ولا بما أنعيك، لكن ما خلفته وراءك من ذكرى طيبة وسيرة حسنة يشهد لك بها كل من عرفك من أهلك وذويك وأصحابك ومدرسيك يغني عن كل نعي ورثاء، تلقيت اتصالاً مزعجاً من الأسرة التي يسكن معها ولدي في أمريكا يعزونني في وفاة مشاري كونه تقابل مع ابني في المدينة التي يعيش فيها أكرن بولاية أوهايو، حيث كان الابن في زيارة لتلك المدينة وتشرف بالتعرف على الشهيد مشاري، وكان حزيناً جداً على فراقه رغم المدة القصيرة التي استضاف فيها ولدي بشقته، وكان يحدثني بأنه كان يوقظه لأداء صلاة الفجر, وقد شهد له كل من يتعامل معه بأنه دمث الخلق، بشوش الوجه، محب للخير، بار بوالديه، محافظ على صلواته، وإن عجزت كلماتهم أن توفيك حقك فصنيعك يكفيك، وإنسانيتك تغنيك، وما قدمته لبلدك ولدينك يزكيك. فقد بيضت وجوهنا ورفعت رؤوسنا وقدمت صورة مشرقة للمسلمين عموما وللسعوديين خصوصا، وكنت خير سفير لنا في بلد لطالما، روج إعلامها أن الإسلام قرين الإرهاب. أقول لشبابنا بشكل عام: المعدن الأصيل تظهره المواقف، وفي المواقف يظهر الرجال، وكثيرا ما أظهرت المواقف رجولتكم وصلابتكم ولنا في متطوعي جدة أثناء السيول أسوة حسنة، فنأمل أن تكونوا دائما رجالا على قدر هذه الأيام تتحدث وسائل الإعلام الأمريكية عن البطل السعودي المسلم، الذي ضحى بنفسه لكي ينقذ طفلا أمريكيا وأباه من الغرق. إنه المبتعث مشاري السريحي ( 23 عاما)، الذي غرق الأحد قبل الماضي في بحيرة بولاية أوهايو الأمريكية، بعد أن أنقذ طفلا أمريكيا، وحاول إنقاذ والده بعد أن انقلب بهما مركبهما في عاصفة مفاجئة، ورغم أن الفقيد تمكن من إنقاذ الطفل، إلا أنه أصر على العودة للبحث عن الأب لتوافيه المنية خلال محاولته إتمام مهمته الإنسانية. غرق مشاري لكنه أغرق معه للحظات كل الصور الذهنية السلبية عن المسلمين والعرب التي وصمهم بها الإعلام الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر 2001. رحل مشاري بعد أن نجح في إيصال رسالة عجز الكثيرون عن إيصالها بشتى الطرق ومختلف الوسائل. رحل بعد أن أرسل رسالة لكل العالم تتحدث بلا كلمات عن معدن الشباب السعودي الإسلامي العربي الأصيل، رسالة نقلها الطفل الأمريكي مايكل، حين قال في التحقيق: «مشاري أنقذني.. مشاري حملني إلى بر الأمان». رحل بعد أن دفع كبار الضباط الأمريكيين لأداء التحية العسكرية لجثمانه الطاهر شكرا وعرفانا واحتراما وتقديرا، لذا أقول لأبنائنا المبتثعين: لا تضيعوا ما قام به مشاري، فأنتم سفراء لبلادكم أينما كنتم، فاحرصوا على أن تنقلوا صورة إيجابية عن وطنكم من خلال أفعالكم، ولكم في مشاري أسوة حسنة، وأقول لشبابنا بشكل عام: المعدن الأصيل تظهره المواقف، وفي المواقف يظهر الرجال، وكثيرا ما أظهرت المواقف رجولتكم وصلابتكم ولنا في متطوعي جدة أثناء السيول أسوة حسنة، فنأمل أن تكونوا دائما رجالا على قدر المسؤولية. ختاما لا نملك سوى أن نقول: لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى، و«إنا لله وإنا إليه راجعون»، وليس بأيدينا سوى أن نرفع أكف الضراعة، سائلين الله أن يلهم أهل مشاري الصبر والسلوان وأن يتغمده الله بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته. [email protected]