تحقيقات كارثة سيول جدة تشهد منعطفًا مهمًا من خلال استدعائها للتحقيق مسئولين مهمين وعقاريين ساهموا بتمرير معاملات غير نظامية تتعلق بأوراق فسح مخططات تقع في مجاري السيول وذلك ضمن التحقيقات التي تجريها هيئة الرقابة والتحقيق في كارثة جدة الأولى قبل إحالتهم للمحاكمة. من المؤمل أن تكون محاكمة المتهمين علنية باعتبارها قضية تمس الكرامة الوطنية التي عبث بها مجموعة من الفاسدين والمرتشين مما تسبب في موت عشرات المواطنين, وتشريد مئات الأسر, وتدمير الممتلكات العامة والخاصة مما استدعى تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإصداره أوامر ملكية حازمة لإخضاع جميع من تسببوا في الكارثة للتحقيقات لتقديمهم للمحاكمة. من الضروري أن يشهد الرأي العام السعودي المحاكمات العلنية, وأن يطلع على أسماء المتورطين في جرائم الفساد والارتشاء والإخلال بالأمانة العامة, وتبذير المال العام على مشاريع وهمية, وكأن ما حصل تواطؤ عصابة ترتبط بمصالح شخصية مهمتها نهب المال, عدم الاكتراث بأرواح المواطنين. سير التحقيقات واقترابها من المنعطف الأخير يؤكد ان اللجان المشكلة لهذه القضية تسير بجدية في خطواتها رغم طول التحقيقات والذي يكشف عن تشعب المستفيدين, وتعدد الجهات سواء الاعتبارية أو الفردية مما يؤكد ان محاكمة علنية يطلع عليها الجميع ويتابعها الإعلام ستكون حدثا مفصليا في تاريخ القضاء السعودي قد يردع أي فاسد آخر عن ارتكاب مثل هذه الجرائم الكبيرة, ويقرع جرس الإنذار لمن يفكر أو تسول له نفسه ان يكرر جرائم الإضرار بحقوق المواطنين أو يهدر المال العام أو يتواطأ مع الفاسدين ليتربح شخصيا. ثلاثمائة متهم بكارثة جدة عدد كبير وهو محط ترقب المواطنين بعد أوامر خادم الحرمين الشريفين القاطعة بتقديمهم للمحاكمة ومحاسبتهم ليلقوا الجزاء العادل وليكونوا عبرة للآخرين وحتى نحصن وطننا من ان ينخر في جسده الفاسدون والذين يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم بمنأى عن العقاب وان الحصانة والمسؤولية لا تصل إليهم. نأمل ان تكون هذه المحاكمات العلنية المثال الأبرز لقوة العدالة وأهميتها في تعزيز أمن المملكة الداخلي وان تكون درسا تتعرف عليه الاجيال لتعزيز مفهوم حماية الوطن من الشرور والمتلاعبين وان المصير الأخير لأي فاسد هو القضاء العادل الذي لا يفرق بين كبير وصغير وبين جميع من يخدم الوطن ضمن حدود المسؤولية العامة.