أكدت مصادر قضائية ل «عكاظ» أمس أن محاكمة المتهمين في كارثة جدة ستكون علنية بنسبة 95 بالمائة، وعلنية هذه المحاكمة مسألة في غاية الأهمية فقد تحدثنا منذ الأيام الأولى للكارثة عن ضرورة تمكين وسائل الإعلام من متابعة التحقيقات المتعلقة بكارثة جدة كي لا تغرق هذه القضية في بحر النسيان مثلما غرقت جدة في بحر الفساد!، فهذه القضية بالذات ليست قضية جنائية عادية بل هي جريمة تاريخية طالت آثارها المادية والمعنوية كل من يعيش على تراب هذا الوطن. ولا أظن أننا سنختلف حول مبدأ (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) ولكن هذا المبدأ لا يعني أن تدخل إجراءات التحقيق والمحاكمة في سكة الأرقام الغامضة بحيث لا تتمكن وسائل الإعلام من متابعة تطورات هذه القضية المهمة إلا على طريقة (التحقيق مع 300 متهم وإدانة 200 متورط)!، فالشفافية في هذه القضية بالذات هي التي تمنحها قيمتها التاريخية المنتظرة، ونحن اليوم بأمس الحاجة للانتقال من مرحلة الأرقام إلى مرحلة الأسماء فغالبية المواطنين وخصوصا من أصابتهم أضرار الكارثة يهمهم معرفة أسماء من تسببوا بهذه الكارثة وطبيعة عمل كل واحد منهم وحجم تورطه في الكارثة. لقد تسبب هؤلاء الفاسدون بقتل أنفس بريئة وكبدوا الدولة خسائر بالمليارات وأساؤوا إلى صورة البلاد بشكل غير مقبول، ولا زال عدد كبير من سكان مدينة جده يعيش ظروفا نفسية صعبة بعد الكارثة التي تسبب بها هؤلاء المتورطون الذين صنعوا ثرواتهم القذرة على حساب الوطن والناس، ونحن اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما أن نجعل من محاكمتهم محاكمة علنية وتاريخية للفساد بحالتيه المجسمة والرمزية بصورة تجعل كل من يفكر في نهب الأموال العامة يتردد ألف مرة قبل أن يخطو خطوة واحدة في هذا الطريق الآثم، وأما أن تمر الشهور الطويلة بينما هذه القضية تدور في حلقة (ذهبت المعاملة.. جاءت المعاملة)!. وفي كل الأحوال بإمكان جهات التحقيق والجهات القضائية المعنية بهذه القضية أن تنسق مع الصحف حول المحررين والمصورين الذين سوف يتم اعتمادهم لمتابعة إجراءات المحاكمة والاتفاق كذلك حول المعلومات التي يمكن أن يؤثر نشرها على سير المحاكمة، ومع تقديري لبعض التعقيدات والحساسيات الاجتماعية التي قد تصاحب عملية الكشف عن أسماء المتورطين في كارثة جدة إلا أن هذه العملية ليست أكثر صعوبة من عملية الإعلان عن أسماء المطلوبين على ذمة قضايا متعلقة بالإرهاب، كما أن المصادر القضائية التي نقلت عنها «عكاظ» هذا الخبر أكدت أن علنية الإجراءات سوف تكون خاضعة دائما لتقدير القاضي. باختصار نحن مبتهجون بإحالة أكثر من 300 متهم في كارثة جدة إلى التحقيق ولكن بهجتنا ستكتمل حين نعرف: من هم هؤلاء؟، وماذا فعلوا بالضبط؟، وما هي علاقة كل واحد منهم بالآخر؟، وكيف جعلوا المليارات التي خصصتها الدولة للبنية التحتية هباء منثورا؟، وتوقنا لمعرفة كل هذه المعلومات لا يأتي بدافع الفضول والتشفي بل لإيماننا بأن من تسببوا بهذا الجرح الغائر الذي أدمى قلب الوطن يستحقون التشهير، فالعدالة بشكل عام تحتاج أن تشهر أحكامها على رؤوس الأشهاد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة