تتفاوت توقعات المتخصصين في اقتصاد الطاقة بخصوص الاحتياط النفطي للمملكة والتقديرات للاحتياط النفطي التقليدي العالمي، وكذلك في تقييم قدرة الولاياتالمتحدة في الاعتماد المستقبلي على النفط الصخري الذي بدأ يشكل قلقاً كبيراً لدول الأوبك، خاصة المملكة لأنه يقلل من الاعتماد على نفطها في سوق الطاقة. وقد ورد تقرير عن وكالة الطاقة الدولية عن التحول التدريجي للولايات المتحدة من النفط التقليدي الى النفط الصخري، حيث أشار إلى ان الولاياتالمتحدة تنتج حوالي مليون برميل منه الآن. ويقدر التقرير ان الولاياتالمتحدة ستصبح دولة مصدرة للنفط الصخري بحلول 2035م. وهي مدة ليست بعيدة من الناحية الاستراتيجية، لكن ما يقلقنا أيضاً في المملكة هو تنامي الاستهلاك المحلي للنفط المحلي مما يقلل من اعتماد المملكة على ايرادات النفط السعودي المصدر للخارج وبالتالي يؤثر على ميزانية الدولة التي تعتمد بنسبة تقارب 90% على ايردات النفط المصدر إلى خارج المملكة. وتشير التقديرات الى أن الطلب على النفط الأجنبي سيتراجع من 60% الى 30% في الولاياتالمتحدة بسبب زيادة إنتاج النفط الصخري الذي تستثمر فيه شركات النفط الأمريكية بشكل متنام في السنوات العشر الأخيرة، وكذلك بسبب تطوير الشركات الأمريكية لتكنولوجيا جديدة تساعد شركات النفط الأمريكية على الاستثمار في حقول كانت غير مجدية اقتصادياً في السابق. وهذه معلومات ليست لخلق الهلع والخوف واللعبة السياسية داخل الدول المنتجة والمصدرة للنفط، انما هي حقائق مكشوفة ويعرفها المتخصصون في اقتصاد الطاقة ووزراء النفط داخل وخارج منظمة الاوبك. ويتوقع المتخصصون في الطاقة ان تبرز الولاياتالمتحدة في عام 2035م كأكبر دولة منتجة للنفط في العالم بكميات كبيرة تفوق المملكة مما يجعلنا نفقد القوة التنافسية والقرار في سوق الطاقة، خاصة أننا نعتمد على الولاياتالمتحدة في استيراد نفطنا وتطوير تكنولوجيا إنتاجه وتكريره. المشكلة التي بدأت تبرز في المملكة أننا نستهلك كميات كبيرة من النفط في السوق المحلية وبالتالي سيتراجع تصديرنا وتبعاً لذلك تتراجع الإيرادات وتؤثر في التنمية الاقتصادية في المملكة. ومهما حاولت المملكة المحافظة على مكانتها في سوق الطاقة فإنها لن تستطيع في المدى البعيد المحافظة على قيادة العالم في هذا المجال، وذلك لأسباب لا يتسع المجال لذكرها، لكن اهمها المنافسة المتنامية من الولاياتالمتحدة بالنفط الصخري وعدم امتلاك المملكة لتكنولوجيا تطوير حقول النفط وزيادة المنافسة النفطية من الدول خارج منظمة الاوبك. وتواجه المملكة تحديات كثيرة في المحافظة على مركزها التنافسي في انتاج النفط منذ حوالي عقدين وستكون هذه التحديات اكبر واكثر في حال عدم قدرتها على تطوير الحقول النفطية الحالية لزيادة الانتاج من خلال تكنولوجيا وطنية لا تعتمد على الدول المنافسة للمملكة في مجال الطاقة. والحلول الممكنة للمملكة للتعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية تتمثل في تطوير تكنولوجيا ومعرفة سعودية تجعل انتاج النفط التقليدي اقل تكلفة من تكلفة إنتاج النفط الصخري. ويجب أن تستثمر المملكة في تطوير الطاقة البديلة والمتحولة والخضراء. ويعد الاستثمار في الطاقة النووية للاغراض السلمية أحد الحلول الممكنة التي تقلل من الاستهلاك النفطي المحلي، بل تعد أقل تكلفة من غيرها من مصادر الطاقة الحالية. وعلى شركة ارامكو السعودية منافسة الشركات العالمية في مجال البدائل وتطوير تكنولوجيا وتقنية تطوير إنتاج النفط، بل والبحث عن النفط الصخري إن وجد في المملكة وتقدير كمياته وجدواها الاقتصادية وتطوير تكنولوجيا إنتاجه. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]