بعد أكثر من عامين ونصف العام على التغيرات السياسية والاجتماعية التي عصفت بالعالم العربي فيما أصبح يعرف كظاهرة ب «الربيع العربي»، بدأت تتكشف بوضوح الانعكاسات الاقتصادية على دول المنطقة في ظل تقديرات تؤكد خسارة اقتصاديات دول العالم العربي قرابة 100 مليار دولار منذ مطلع العام 2011 وحتى الآن. ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة التوترات الإقليمية أسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول الخليج، ولا يتوقع انخفاض هذه الأسعار خلال العامين 2013 أو 2014 دول الخليج بمجملها تعتمد نهج الاقتصاد الريعي، مرتكزة على الموارد الطبيعية في تمويل اقتصاداتها من خلال التخصص في إنتاج النفط والغاز. التوترات الإقليمية الناتجة عن الربيع العربي أثرت على أسعار النفط العالمية بشكل واضح نتيجة التخوف من انقطاع أو انخفاض كمية الإمدادات -وهو ما حصل فعلاً مع النفط الليبي- أو توقف مسارات النقل الدولية -كقناة السويس في مصر- عن العمل. التقارير العالمية أظهرت تقلبات كبيرة في أسعار النفط خلال العام 2012 حيث كان متوسط سعر خام برنت 109 دولارات للبرميل، وبالإضافة لأثر الربيع العربي، كان للتوتر الناشئ عن البرنامج النووي الإيراني أثره في هذه التذبذبات. ولا تتوقع التقارير أن ينخفض سعر خام برنت عن المائة دولار كمتوسط خلال العام 2013 نتيجة استمرار آثار الربيع العربي وتأثيره على الإنتاج في عدة دول منها ليبيا واليمن وسوريا، فيما يعتقد أن يستمر تأثر صادرات النفط الإيراني نتيجة العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. أما قطاع السياحة في العالم العربي فقد تلقى ضربة موجعة حسب تقديرات منظمة السياحة العربية، والتي أكدت أن هذا القطاع خسر أكثر من 15 مليار دولار مجملاً منذ العام 2011، ضاربة المثل بمصر التي فقدت 3 ملايين سائح خلال الفترة. والمراقب للوضع يجد أن الربيع العربي قد كان له الأثر الأكبر في خسارة قطاع السياحة في كل من تونس ومصر وسوريا بشكل مباشر، ولبنان والأردن والبحرين والمغرب وعمان بشكل غير مباشر. إجمالاً نجد أن الربيع العربي كان له انعكاساته الإيجابية والسلبية على اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي. فارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة التوترات الإقليمية أسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول الخليج، ولا يتوقع انخفاض هذه الأسعار خلال العامين 2013 أو 2014. أما القطاع السياحي فقد استفاد من تحول وجهة السياح الخليجيين من مصر وسوريا وتونس إلى الإمارات العربية المتحدة -دبي وأبو ظبي، ولكنه تأثر سلباً في كل من البحرين وعمان. ولا تزال النظرة الإيجابية هي الغالبة على توقعات النمو الاقتصادي لدول الخليج نتيجة الاستقرار الأمني والاقتصادي في ظل هذه الظروف، ولكن المؤكد أن عدم تعافي دول محورية مثل مصر وسوريا خلال العامين القادمين سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد الخليجي نتيجة الانعكاسات الأمنية والعسكرية المتوقعة على المنطقة ككل. www.alkelabi.com twitter | @alkelabi